نهائي إثارة عمرها نصف قرن

محمود تراوري

TT

السعودية والكويت، إذا من جديد. يا الله، للمرة الألف يستعاد حلم قديم، وإثارة ظلت على مدى قرابة نصف قرن بين فريقين عتيدين تخبو، لكنها سرعان ما تنفض الرماد لتستعر وتتجدد لتمنحنا المتعة والتشويق وتصعد الآهات. منذ البدء عام سبعين فرضت الكويت سيطرتها، وكانت المنافسة شديدة وقوية من قبل السعوديين. كان الفريقان وحدهما شبه الناضجين كرويا واجتماعيا، كانت بقية المنتخبات خارجة للتو من ربقة المستعمر وفي طور التكوين. كان البون شاسعا بين الفريقين وبقية الفرق، قبل أن يحضر العراق في الدوحة عام 1976.

للسعودية والكويت يرجع الفضل في النقلة الكروية الهائلة التي شهدتها المنطقة. السعودية بقياداتها الرياضية الخالدة في الذاكرة، وكذا الكويت.

السعودية بنجومها الذين لن تسلوهم الذاكرة من عينة «سلطان بن مناحي، الغراب، أحمد عيد، النور موسى – رحمه الله – عبد الرزاق أبو داود، صالح النعيمة، ماجد عبد الله» والكويت بعقدها الفريد من النجوم «فاروق إبراهيم، سعد الحوطي، أحمد طرابلسي، جاسم يعقوب، فتحي كميل، فيصل الدخيل، عبد العزيز العنبري، محبوب جمعة، عبد الله معيوف».

ظلت الكويت بمثابة «العقدة» للكرة السعودية، حتى كانت تصفيات التأهل لأولمبياد لوس أنجليس 1984، حين كسرت السعودية طوق العقدة وتغلبت على الكويت في سنغافورة 4/ صفر. وكتب النعيمة وماجد عبد الله ورفاقهما نهاية كوكبة أسطورية للكرة الكويتية، كوكبة حققت كثيرا من الإنجازات من الهيمنة على بطولات دورات الخليج، إلى الفوز بكاس أمم آسيا، حتى التتويج بالتأهل لمونديال إسبانيا 1982 كأول فريق خليجي وعربي يتأهل لنهائيات كأس العالم عن القارة الآسيوية.

منذ ذلك الانتصار السعودي على الكويت، وانفراط عقد النجوم الأسطوريين الكويتيين، تسيدت السعودية المحفل آسيويا، واتسعت المسافة بين الفريقين لصالحها، ودخلت الكرة الكويتية مرحلة من الغياب والتقهقر، ولم تجد ملاعبها بنجوم أفذاذ على غرار صناع الأمجاد، رغم ظهور أسماء ممتازة، لكنها ظلت مواهب فردية منها ما هو امتداد لعصر النجوم أمثال مؤيد الحداد، ويوسف سويد، وعبد الله البلوشي وسمير سعيد، بينما ظلت الكرة السعودية ولادة، وما الفريق الذي تنشد الجماهير اليوم أن يكلل رحلة التعب والضغط النفسي واللاتوافق مع خيارات مدربه بالبطولة إلا تأكيدا على أن ملاعب السعودية منجم قدرات ومواهب لا ينضب أبدا.

في تقديري وبالاستشهاد بلقاء الفريقين في الدور الأول لا يمكن التكهن بما ستؤول إليه نتيجة المباراة، ففنيا هناك لا استقرار في الفريقين، وإن كان «عناصريا» أكثر وضوحا في الفريق السعودي الذي يتميز بتماسك وصلابة خط الظهر فيه، وجودة أداء حراسة المرمى.

أمنياتي بنهائي ملتهب فنيا، يعيدنا لصفحات التنافس القديم الذي كما قلت أسهم في نهضة الكرة الخليجية وتقدمها.