أتمنى من الأعماق أن لا يدعي الجميع في هذا الظرف أنهم كانوا يعرفون أن هذه هي قدرات مدرب المنتخب بيسيرو وأنهم نبهوا إلى ذلك. فقد تعودنا من أولئك الذين شنفوا آذاننا وملأوا أعيننا بمقالات ومطولات ينتقدون فيها مدرب المنتخب أن ينقلبوا على آرائهم مع أول فرحة يحققها المنتخب، فالمهم أولا وأخيرا أنفسهم وأن لا يظهروا بمظهر المخطئ.
نعم فرحة وفرحة مستحقة بالفعل، فما قدمه وحققه منتخبنا في «خليجي 20» كان أكبر من التوقعات وأفضل من حالة الاستسلام التي حاول البعض أن يضعنا فيها قبل انطلاق البطولة ومع إعلان اسماء هذا المنتخب الشجاع، الذي أثبت أن شباب المملكة يعون حجم المسؤولية ولا يعرفون المستحيل عندما تكون سمعة واسم هذا الوطن على المحك من خلال أدائهم.
لم تأت البطولة كما كنا نشتهي، ولا عيب في ذلك، ولكننا كنا قاب قوسين أو أقرب إليها، وقدمنا أداء بطوليا، يمكن من خلاله لأبطالنا أن يرفعوا الرأس عاليا حتى وهم لم يرفعوا الكأس، فقد كسبنا شبابا أعادوا الابتسامة والثقة إلى قلوب ملايين السعوديين، ولعبوا بحماس منقطع النظير وسطروا لوحات من التضحية أمام منتخب يفوقهم خبرة، ومدجج ببطولة غرب آسيا، ولا يتخلف عنه أحد، ولكن هؤلاء الشباب تمكنوا من الوقوف بثبات وبلا خوف وسحبوا البساط من تحت أقدام الكويتيين.
قد يعلق البعض على خسارة النهائي على مدرب المنتخب بيسيرو، الذي أعتقد أنه كان شجاعا وواثقا من شبابه عندما وقع عليهم الاختيار، وشكك الكثيرون في إمكانية هذا المدرب على تجاوز المرحلة الأولى من البطولة، لكنه كان قادرا على تسخير موهبتهم وترويض حماسهم، وجعلهم بالفعل يبدون وكأنهم استعدوا لهذه البطولة منذ فترة من الزمن وكان كل منهم يحارب من قلبه من أجل المحافظة على مركزه.. ووضحت بصمات المدرب من خلال الأداء المتوازن ففي كل الأشواط الأولى خلال البطولة كان المنتخب السعودي هادئا ومحتفظا بتوازنه الدفاعي ومتحفظا في إطلاق الهجمات على مرمى الخصم، ثم ينتفض في الشوط الثاني وقد أرهق خصومه ويبدأ في رسم لوحات جميلة شاهدناها حتى في مباراة النهائي أمام الكويت، فاختفى المنتخب الكويتي بنجومه الكبار في الشوط الثاني الذي تسيده لاعبونا تماما ولكن ومع الأسف لم نستفد على الإطلاق من الفرص بسبب التراجع الدفاعي الكبير الذي كان عليه المنتخب الكويتي.. أجزم أن كل لاعبي المنتخب لا بد وأن يكونوا فخورين بما قدموا كما هم العقلاء في الوسط الرياضي تماما.. وأتمنى من كل قلبي أن نترك مدرب المنتخب بيسيرو يعمل في الفترة القادمة وهي الأهم بلا ضغوط حتى يستطيع التركيز على البطولة الآسيوية القادمة.