الأحمق

مساعد العصيمي

TT

هناك أحمق، وهناك ساذج.. وتختلف الدرجة في كليهما من شخص لآخر.. وأجزم أن داء الحماقة بات مقلقا وسريع الانتشار في ميدان النقد الرياضي.. ولم يمنع الحماقة بمفهومها الواسع من أن تصدر مهزومين قد انكفأوا على جبلتهم ليبثوا فكرا رياضيا مخجلا تأثيراته لن تحبط فقط.. بل تضر!

هنا أسأل، بكثير من الواقعية، عن بعض مدعي الانتماء للواقع النقدي الرياضي: لماذا يصرون على أن يكونوا كل الحماقة، وكل التضعضع خلال أي لقاء تلفزيوني، وحين كل كتابة؟!

لن أبحث في السبب والمسببات؛ لأنها معروفة من الجميع.. لكن يبدو أن الأمر يظهر بكل تجلٍّ حين العودة إلى المنافسات، ولا أشد مما حدث خلال دورة الخليج أو مع استهلال الدوري قبل أسبوع.. ليقع السؤال دائم الترديد: «ما بال بعضنا ما زال على فكره المنغلق وكأن التنافس تنابز والمنافس عدو، والتلاقي ظلم.. والنقد فقط لإبراز المثالب والعيوب، بل للصيد في الماء العكر؟».

هنا لدى البعض من عناصر الحمق ما لا يملكه أحد غيرهم.. تفسير للكلمات التي لا تحتاج إلى تفسير. وكشف للنوايا المستترة المغيبة.. وتخمين مستقبلي لا يقوى عليه أي ساحر.

وبين هذا وذلك مهمة كثير منهم.. فقط إبراز الوجه القبيح.. وإن لم يكن هناك أي وجه فليصنعوه أو يدعوا وجوده ويضعوا له اسما.. وعليه فلن نستكثر ظهور مهرجين أعيونا وأضرونا خارجيا لدى جيراننا، وكأن كرتنا من الإعياء أن لن تشفى.. لكن حسبنا أن أولئك الأشقاء أدركوا أنهم علموا من هم الحمقى.. فباتوا يستخدمونهم للسخرية أو الترويح.. أو سمها ما شئت! لدينا منافسة جميلة وواقع جميل ومستقبل مزدهر.. لكن ليس لدينا غل، قلة ممن يستطيع أن يقرأ ذلك بتأنٍّ ليساعده في كشف أخطائه ومن ثم تجاوزها.. لدينا متشائمون وحاقدون ومتبادلو الضغينة والكره.. يحللون كل كلمة بما يتفق مع أهوائهم.. ويقيمون الحدث بما يناسب توجهاتهم.. وعليه لم يكن غريبا أن يتباروا لتفسير حضور لاعبي المنافس لفرقهم محليا خلال المشاركات الدولية وفق مبادئ الجهل والإسقاط الرديء.. وليس عجيبا أن يحظى خطأ واحد لحكم محلي واحد في منافسة محلية واحدة في زمن واحد لأكثر من تفسير وتبرير.. وكل وفق مصلحته الشخصية.

قد يكون أولئك من السذاجة أن ندعو لهم بالتنور والرقي الفكري.. لكن المشكلة حين يكون الناقد أحمق متلبسا ثوب الخبرة ليردد أسطوانته في كل حين عن حاله.. كلام مكرر لم يتغير على الرغم من تغير الزمان والظروف.. لكن الحمق يظل بمعانيه حتى لو شمل التغيير كل شيء. ما علينا.. ما ذهبت إليه يخص قراءتنا لمنافساتنا ولإشكالاتنا واختلافاتنا.. نتمناها بمأمن عن الحمقى.. لتكون قراءة راقية عميقة تذهب إلى الحلول.. لا تخنع إلى المجاملة والتعصب.. تصب في الكياسة والرقي.. وترفض الدناءة في الطرح والتفاهة في العرض.. لتؤكد أننا نسير للأمام.. لأجل أن نأخذ بيد رياضتنا معنا.

[email protected]