بيبي يا حبيبي!

مسلي آل معمر

TT

يدير التلفزيون بالريموت، وتظهر له قناة رياضية استضافت الصحافي الخبير قوردون هول، فسمعه يقول: ما حدث من الحكم ليلة البارحة هو امتداد للمؤامرة التاريخية التي تعرض لها فريق (الزرادية) في عام 1388 (للهجرة)، عندما مدد الحكم وقت المباراة ثماني دقائق، لكي يلحق فريق (أبو جلمبو) بالتعادل. من الطرف الآخر، يقفز الناقد المتخصص في شؤون التكتيك والتدريب رودي فان، وكأنه يريد أن يلتهم (خشم) قوردون ليرد عليه بلغة غاضبة: هل نسيت أن فريقكم تأهل إلى بطولة حارة النمل بالترشيح؟ وبعدين أنت من مواليد 1410 (للهجرة)، كيف تتكلم عن أحداث قبل أربعين سنة؟ وهنا تعود الكاميرا إلى المذيع روبرت كينغ، الأخ غير الشقيق للشهير لاري كينغ وهو يبتسم (وكيف لا يبتسم وقد طارد الثعلب ثم جره من ذيله): الهدوء.. الهدوء.. المشاهد يريد أن يركز ويستمتع بهذا النقاش المثير والثري!

بعد تداخل المذيع تعود اليد مرة أخرى إلى الريموت للانتقال إلى قناة مشابهة، فتقف عند قناة «بيبي يا حبيبي» وهي قناة متخصصة للأطفال، فيفضل الريموت التوقف عندها نهائيا، صحيح أنها أيضا تظهر صغارا، لكن نباهتهم وبراءتهم تميزهم عن سابقيهم!

بعد محاولة استرخاء لعدة دقائق تتوالى رسائل الجوال والبلاك بيري، وهي تقوس كلمة عاجل: (فديتك يا قوردون ولد هول، ألجمت المستصحف رودي، أنا أشهد أنك مخلص للزرادية).. تليها رسالة أخرى ساخرة: أعيدوا فريق أبو جلمبو إلى دوري حارة المجروح!

الجوال يلزم وضع الصمت بضغطة زر، وتذهب اليد إلى الجوال لمتابعة آخر الرسائل الإلكترونية، فتصادفه رسالة عنوانها: (مقطع يوتيوب للبطل رودي اللي سكت قوردون..لا يفوتكم)، يتدفق بريد إلكتروني آخر يمجد عضو الشرف المديون برنارد غيتس الذي تداخل في قناة «بلنتي» وهاجم المذيع قائلا: خشمك يذكرني بـ(صفارة) حكم البارحة!

بعد مساء ساخن وساهر يلتقي الطاقم في استراحة مدير القناة على ساعات الصباح الأولى، يلتفت إليهم بعد دقائق صمت، ويخاطبهم وهو ينفخ سيجارته: يعطيكم العافية يا شباب، ما تتصورون كيف ردود الفعل؟ ناس من فوق مرة كلموني يطلبون نسخا من الحلقة!

وبعد أن رويت ما سبق لجدتي مزنة، متعها الله بالصحة والعافية، خاطبتني قائلة: طيب يا ولدي الناس اللي في موريتانيا واليمن والصومال وكل اللي يفهمون عربي، إذا تفرجوا علينا في قنواتنا الرياضية وش يقولون علينا؟.. تتوقع يقولون كلنا كذا؟

وهنا أجبتها بسؤال: كيف وصلنا لهذا الحد يا جدتي مزنة؟ فردت علي: ما بعد كرة الشراب وحتى وقت قريب كان الكثير يشتكون من عصر تعصب الإعلام الرياضي، الآن بعد دخول المتاجرين بعواطف الجماهير من الإداريين والطارئين على الإعلام، ومع تعدد الفضائيات تفاقم الوضع ودخلنا حقبة التخلف والسطحية!