قفا نبك..؟؟؟

مصطفى الآغا

TT

أتمنى من كل قارئ لهذه المقالة أن يأخذها بمضمونها العام، وأن يترفع عن العصبيات الصغيرة والحساسيات التي أرجعتنا عشرات السنين للوراء، لأننا ننشغل بالقشور ونتوه عما بين السطور..

فنحن (كعرب) نصرف على كرة القدم قدر ما تصرفه أفريقيا وثلاثة أرباع آسيا مجتمعين، وربما أكثر.. ومن يشكك بكلامي فليبدأ بتعداد أسماء المدربين العالميين المتواجدين في دولنا، ويقارنها بدولهم.. وعدد الفضائيات والبرامج الرياضية، وعدد الصفحات والملاحق اليومية، وعدد الملاعب والمنشآت الجاهزة والكاملة المكملة (وليست مثل بعض ملاعب الأدغال الأفريقية).

وفي بعض دولنا (الميسورة) نُغري الجمهور بالمكافآت والحوافز كي يحضروا المباريات، مثل السيارات و«اللابتوبس» وتذاكر السفر، وحتى وجبات الأكل المجانية والألبسة.. ونحن استضفنا وسنستضيف أكبر الأحداث الإقليمية والعالمية، ونعمل من الحبة قبة، والأمثلة بعشرات الآلاف، وحتى الآن لم تتمكن أي دولة عربية من تجاوز الدور الثاني في كل كؤوس العالم منذ 1930 وحتى الآن، وإذا ذكرنا المنتخب الفلاني «زعل» جماعة المنتخب العلاني، وكلهم لم يقدموا سوى طفرات وليس «معجزات»، وربما يكون انتصار الجزائر على ألمانيا هو الأبرز، ولكننا نتغنى به منذ 28 سنة، والأكيد أن منتخبات المغرب وتونس والسعودية شاركت، ومنها من ترك بصمة، ومنها من حقق أول بصمة عربية، ومنها من تأهل للدور الثاني، ولكن هل نقول إننا كتبنا التاريخ وسط مئات المنتخبات التي شاركت وأحرزت نتائج مذهلة، مثل كرواتيا التي ما إن استقلت حتى نالت المركز الثالث في فرنسا 1998 بعدما هزمت هولندا وألمانيا ورومانيا وقبلهم اليابان وجامايكا، وكوريا الجنوبية رابعة العالم 2002 بعدما فازت على إسبانيا وإيطاليا وبولندا والبرتغال وأميركا، وتركيا الثالثة في نفس البطولة، وغانا التي أذهلتنا في 2010 ليس في الدور الأول حين فازت على الصرب، بل في الثاني بفوزها الأصعب على أميركا وخسارتها بضربات الترجيح أمام الأوروغواي في دور الثمانية، وضيعت ضربة جزاء في الوقت القاتل.. طبعا اليابان تقدم أداء راقيا، وبقية أفريقيا تذهلنا، ومازيمبي الذي لم «نعطه حقه» من الاحترام وصل لنهائي أندية العالم وخسر بشرف أمام الإنتر الايطالي، بينما نحن ما زلنا نبكي على الأطلال ونتذكر الأيام الخوالي، وكلما قلنا إن كرتنا العربية متراجعة دوليا ونحن شبه ضيوف شرف في كؤوس العالم، بدأ كل من شاركوا سابقا بأسطوانة امرئ القيس العتيقة: «قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل!». أو يُعيّرونك بأن منتخب بلدك لم يتأهل! ونحن جميعا ننام في عسل الشحن المحلي والحساسيات التي لا تنتهي والتصريحات التي تغطي على حقيقة مستوياتنا الفنية التي لا تسر حبيبا ولا عدوا.