بيرزوت هو الأكثر شبابا حتى الآن

لويجي جارلاندو

TT

لقد رحل إنزو بيرزوت عن عالمنا قبل أيام قليلة من أعياد الميلاد، عندما يكون الناس في أوج انشغالهم، وقبل فترة كبيرة من مرور ثلاثين عاما على إحرازه لقب المونديال في إسبانيا، ليتجنب صخب الاحتفالات بهذه المناسبة، نظرا لطبيعته الهادئة التي تميل للبعد عن الصخب، مثل لاعبيه المفضلين زوف وتشيريا. وكان بيرزوت يحب أن ينعم بالهدوء وتبادل الهمسات الليلية مع كويوت وتارديللي وكونتي الذين كان النوم يجافيهم قبل المباريات المهمة بسبب القلق والتوتر. لقد رحل بيرزوت في شهر ديسمبر (كانون الأول) مثل والدته إلفيرا، وهو أيضا شهر مولد والده إيجيديو. ودفن بيرزوت في مدافن الأسرة بمدينة إيللو مسقط رأسه، في مدفن أبيض صغير بجواره 4 نخلات. لقد كان بيرزوت يعشق اللغة اللاتينية ويعشق كل ما هو كلاسيكي. لقد رحل بيرزوت ومع مرور الوقت سيصبح أكثر حضورا ومكانة في إيطاليا وستتعلم الأجيال الدرس الذي كتبه في حياته.

لقد تعرض بيرزوت خلال الجولة الأولى من مونديال 1982، التي كان فيها المنتخب الإيطالي يعاني بشدة ويخفق في تحقيق الفوز، لكافة أنواع الانتقاد والإهانات. فقد وصفه الصحافيون بالقرد الغبي وتعرض للمساءلة مرتين من جانب البرلمان وتوعده مسؤولو الاتحاد الإيطالي لكرة القدم بالطرد في حالة الفشل. لكن هذه اللهجة تغيرت تماما بعد الفوز على البرازيل في مشوار البطولة وتحول الجميع لتأييد بيرزوت الذي لم يعرب عن غضبه وغيظه الشديد على طريقة بينيتيز مدرب الإنتر بعد المباراة النهائية. فقد نظر بيرزوت حينها إلى الصحافيين الذين يصفقون له وقال لهم بلهجة جافة: «اطرحوا الأسئلة وسأرد عليها». ولم يرغب بيرزوت في الانتقام من الصحافيين أو رد الإهانة لهم. لقد كان بيرزوت يتسم بالصدق مع الذات وعزة النفس والأناقة. وبعد الفوز بالمونديال ذهب بيرزوت إلى إجازة في نيويورك ليستمع لموسيقى الجاز. وكان بيرزوت شابا حتى في الجانب الخططي، حيث كان يلعب برأسي حربة بالإضافة إلى كونتي وأنطونيوني، وفي اللعبة التي جاء منها الهدف الثاني في مرمى ألمانيا بنهائي المونديال كان تشيريا وبيرغومي يتبادلان الكرة بالكعب داخل منطقة جزاء المنافس. فهل يعتبر هو صاحب طريقة الكاتيناتشو الشهيرة (السلسلة الدفاعية) أم مورينهو الذي فاز بجميع البطولات وهو يعتمد على الهجمة المرتدة؟ إننا نتحدث اليوم عن ضرورة الدفع بالشباب. فمن الذي أظهر شجاعة أكبر من بيرزوت الذي دفع بكابريني ذي الـ20 عاما في مونديال الأرجنتين وراهن بشدة على باولو روسي الذي كان عائدا من فترة غياب طويلة عن الملاعب ولم يحرز في ذلك الموسم سوى هدف واحد؟ إن الزمن كفيل بإبراز قيمة بيرزوت بصورة أكبر وجعل الدرس الذي لقننا إياه نموذجا يحتذى. دعونا لا نغفل عن هذا الدرس، إن بيرزوت هو الأكثر شبابا بين الجميع.

إن المدرب الراحل تميز بعزة النفس والإيمان بالشباب واللعب الهجومي، وهو ما ينقصنا في الوقت الحالي.