ولكن أي خائن؟!

أندريا مونتي

TT

خائن، أو غير مخلص، انتهازي، عميل مزدوج، مرتدّ ومنشقّ. أكثر بساطة من كل ذلك وعن طريق قليل من الأحرف التي يصعب هضمها يمكننا القول إنه... سابقا. قبيل الليلة التي من المفترض أن نكون فيها جميعا أكثر طيبة (ليلة عيد الميلاد)، ومنذ أن أعلن موراتي، رئيس نادي الإنتر، في الساعة 18:52 عشية تلك الليلة، رسميا عن اختيار البرازيلي ليوناردو مدربا جديدا للفريق، واندلع فتيل مناقشات حادة وبصراحة، غريبة الأطوار بعض الشيء، هل بإمكان ليوناردو، المدرب الأسبق لفريق الميلان، أن يجلس على مقعد مدرب الإنتر؟ «أبدا»، كان هذا هو ردّ أغلبية مشجعي فريق الإنتر مع ساندرينو ماتزولا من خلال هذا الدور الذي لم يقُم به من قبل من إثارة الجماهير، وبعد ذلك اعتذر عما حدث. أما مشجعو فريق الميلان فكان لهم صدى الموافقة على انتقال ليوناردو إلى الإنتر. إن مسألة الانتقال هذه تبدو أشبه بأمر قد عفا عليه الزمن في ظل العولمة الحالية لكرة القدم التي تتسم بالقليل من القيم وعدم وجود حواجز، حتى إن الأعلام الرياضية أصبحت موضة.

لا جدوى من تذكر أن الخيانة، منذ أمد بعيد، هي المحرك للتاريخ. والأمر هو ذاته بالنسبة للرياضة (مياتسا ونوفولاري وكوبي ورونالدو، هل جميعهم مرتدون؟). ولا فائدة أيضا من القول إن الانتهازي، كما توضح المسيرة المضيئة لنابوليانو، غالبا ما يكون منتصرا. سيكون من الأفضل لو قمنا بشرح الأسباب التي تجعل ليوناردو ليس خائنا لأحد وأنه، ولو من الناحية النظرية على الأقل، اختيار رائع لموراتي. إنه البرازيلي ليوناردو ارواخو، يبلغ من العمر 41 عاما، من مواليد نيتيريو بالبرازيل، وهو شخص غريب الأطوار، رحالة مثقف وشغوف بالحياة، فلقد لعب لصالح الكثير من الفرق وانتقل بين الكثير من المدن، من إسبانيا إلى اليابان ومن فرنسا إلى إيطاليا. وداخل الملعب استهل مشواره الكروي كمدافع وانتهى به الحال في مركز المهاجم، وفي غضون ذلك حصل على بطولة كأس العالم لكرة القدم مع المنتخب البرازيلي، وكأس بطولة الإنتركونتيننتل عام 1994.

وفي عام 2003 أنهى ليوناردو بين صفوف الميلان الإيطالي مسيرته كلاعب، ولكنه ظل كإداري إلى جانب غالياني، الذي يحبه كثيرا. واستطاع ليوناردو أن يقدم أشياء استثنائية مع الميلان (كاكا وباتو). يتحدث المدرب البرزيلي خمس لغات ويتمتع بالحضور ويتسم بالأناقة، كان يبدو المنتج المكتمل للنضوج البرلسكوني. ولكن عندما أجبرته الظروف على تولي قيادة فريق الميلان تحولت الرومانسية إلى انكسار مدوٍّ. إن نتائج الميلان تحت قيادة ليوناردو لم تكن سيئة، لولا إصابة باتو ونيستا كان بإمكان الفريق أن ينتزع لقب البطولة المحلية من الإنتر، غير أن ليوناردو كان يعمل كما يحلو له كثيرا ويرد على الانتقادات بصوت مرتفع، والرئيس لا يحب ذلك. غادر ليوناردو أسوار الميلان وأوضح لجريدة «لا غازيتا ديللو سبورت» قائلا: «إن برلسكوني مثل نارسيسو، كل ما هو ليس مرآة له لا يروق له». صحيح أو لا، في عالم السياسية لا تذكر مثل هذه الأحكام التي تشبه الرمي بالحجارة. لقد كتبها لويجي غارلاندو بوضوح كبير على صفحات «لا غازيتا». من يخلط أوراق غاندي ويظن أن ليوناردو اختار القدوم إلى الإنتر من أجل إغضاب فريقه الأسبق فهو لا يعرف جيدا. إن ليوناردو، بهذه الابتسامة العريضة التي تملأ فاه، ماكر خبيث. وهو يريد أن ينتصر. لقد أثنى لاعبو فريق الإنتر، زانيتي، قائد الفريق، وعلى رأسهم الأرجنتينيون، على قدوم ليوناردو وكأنه شخص فذ، وهذا لا ناقش فيه، غير أنهم نظروا إلى مجيئه وكأنه أيضا علاج لكل الأسقام. أما مشجعو فريق الإنتر فعلى العكس، يتساءلون ما إذا كان ليوناردو يمتلك الخبرة والموهبة الكافية لتجعله مدربا. هذا، بأمانة، ما سنكتشفه فحسب مع مرور الوقت.