أسئلة آسيا

محمود تراوري

TT

تثير مبادرة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم تخصيص دخل المباراة الافتتاحية لبطولة كأس أمم آسيا لصالح المنظمة الخيرية (منظمة التغذية والزراعة في الأمم المتحدة من أجل مكافحة الجوع) تساؤلات كثيرة من ضمن ما يمكن أن يثار ويفكر فيه على هامش الرياضة من أشياء لا صلة لها بالفني والتنافسي بشكل مباشر، بل وغالبا ما هو بعيد عن اهتمامات الجماهير وإلى حد ما معظم وسائل الإعلام التي تنحاز طوعا وقسرا لما تريده الجماهير، في العالم العربي الذي يمثل الغرب الآسيوي.

وفي العالم العربي يسطع سؤال الجانب الخيري على هامش الرياضة، إذا ما قارناه بشرق القارة من حيث الملاءة المالية وقوة الاقتصاد (الصين، اليابان، كوريا الجنوبية) وهي الحاضرة كرويا بقوة، إذا ما تذكرنا اقتصادات قوية (سنغافورة، ماليزيا) ولكنها ضعيفة كرويا. أما دول جنوب القارة فهي ربما تتشابه مع العالم العربي في الاقتصاد واضطراب التنمية بل تتخلف عنه كرويا، وبطبيعة الحال تبقى الهند استثناء لأنها حالة خاصة، لا سيما في الشقين الاقتصادي والتقني. وسأتجاوز دول الشمال الآسيوي الآتية من تفكك الاتحاد السوفياتي 1989م، لأنه مشكوك في آسيويتها أصلا بحسب بعض التقديرات المتجاوزة للجغرافيا.

وتختصر المبادرة من جانب أيضا مسافة زمنية قطعها الاتحاد الآسيوي تقاطعت فيها التجاذبات والتحالفات التي كثيرا لا تخلو من التأثيرات السياسية والاقتصادية، وشكلت هذه المسافة مسارا تاريخيا مميزا وقافزا على العثرات طوال العقد الماضي، توجه الاتحاد باستضافة نهائيات كأس العالم لأول مرة في القارة من خلال تقاسم كوريا الجنوبية واليابان التنظيم عام 2002م، وتسمية قطر دولة منظمة لمونديال 2022م.

وتطوير وتغيير في دوريات دوله وبطولاته القارية، والمضي بقوة نحو الاحتراف و(بزنسة) الكرة. ليقدم الاتحاد الآسيوي نفسه واحدا من أقوى الاتحادات الكروية في العالم، إذ يكفي فقط تذكر أن أهم اقتصادات العالم تكمن في آسيا، إضافة إلى أهم دول العالم المنتجة والمصدرة للطاقة. لكن المفارقة التي تبدو محيرة هي تراجع ترتيب دول هذا الاتحاد على مستوى التقويم الفني والتصنيف الدولي، والإنجاز الكروي سواء على مستوى المنتخبات أو حتى على مستوى الأفراد. فعلى مستوى الأفراد ينتشر في أقوى دوريات العالم لاعبون ينتمون لقارتين أقل وأضعف مستوى اقتصادي (أفريقا وأميركا الجنوبية) ما يثير أسئلة شكاكة حول فرضية تأثير الاقتصاد وقوى رأس المال في تقديم المواهب وإنتاج النجوم، أما على مستوى التنظير الجمالي، فتؤكد المسألة جاذبية جماليات الأداء الفطري للاعب الأفريقي واللاتيني أكثر من الأداء المصنوع للاعب الياباني أو الكوري الجنوبي الذي ينفر تماما عن الجماليات.

العرب لا خيار أمامهم، أشد إلحاحا يعتمدونه لمستقبل يجعلهم جديرين بأن يكونوا مستضيفين لمونديال 2022. سوى الجمع بين المسارين، والرغبة في النهوض من العثرات، كل العثرات.