حكام المستقبل!

عادل عصام الدين

TT

كما هو متوقع نجحت قطر في التنظيم.

مهرجان «كروي» رفيع المستوى، ولو سئلت عن أبرز ما لفت انتباهي منذ أن وصلت إلى الدوحة للمشاركة في تغطية نهائيات كأس آسيا لكرة القدم لقلت: «دورة حكام المستقبل».

عدد كبير من الصغار.. شاهدتهم في الفندق منذ وصولي. تصورت في البداية أنهم يمثلون ناديا قطريا على مستوى الفئات السنية، لكنني عندما شاهدت خبير التحكيم العربي، الجويني، معهم لم أتردد في السؤال: مَن هؤلاء؟! جاءتني الإجابة من الجويني نفسه: إنهم حكام كرة القدم مستقبلا.

إنهم يبحثون عن صغار السن في المدارس، يبحثون عن المواصفات حتى لو ذهبوا إلى من هم دون الـ15 من العمر.

قال لي الجويني: الحكم مثل اللاعب. يجب أن يتم اختياره في سن مبكرة.. ومن ثم يبدأ الصقل.. وتبدأ التجارب.

تحدثت مع بعض هؤلاء الصغار واكتشفت أنهم يتميزون عن غيرهم، ليس بحب اللعبة فقط، بل بامتلاك مواصفات وشروط خاصة.

ما أكثر ما كتبت عن أهمية شروط «القيادة» بالنسبة للحكم، وقد ازددت قناعة بعد أن استمعت للجويني ورأيت صغار القطريين.

الموهبة أولا.. ومن ثم تأتي الدراسة.. والتجارب. والحكم في رأي الخبراء لا يختلف عن اللاعب.. ولا المدرب.

في مجال الإبداع.. لا غنى عن الموهبة، بل هي الأساس، ولو أردنا أن نغوص وندرس مشكلات تحكيمنا بعمق لوجدنا أن أساس المشكلة يكمن في عدم النجاح في الانتقاء.

الحقيقة أنها ليست مسألة رغبة ولا استعداد فقط، والرغبة وحدها لا تكفي، بل لا بد من توفر الموهبة.

أستغرب كثيرا حين نبحث عن اللاعب «الموهبة» وننسى أن الحكم يجب أن يكون موهوبا.. وأن يكون التحكيم هوايته... وينسحب الحال على التدريب أيضا.

لا بد أن يمتلك الحكم مواصفات القيادة.. ولا بد أن يمتلك المدرب مواصفات القيادة. وهذه المواصفات وراثية ومكتسبة.

معظم الذين اتجهوا إلى التحكيم في ملاعبنا فشلوا رغم أنهم حفظوا اللوائح ودرسوا القانون وحفظوا المواد عن ظهر قلب. واجهوا المتاعب لأن تطبيق روح القانون لا علاقة له بحفظ مواد القانون. وهذا ما لم نستوعبه ولم نتقيد به.

الفريق القطري الشقيق فشل في أولى مبارياته في الملعب، لكنه نجح نجاحا باهرا خارج الملعب، ونجح في الكثير من الخطوات، ومن ضمنها هذا الاحتواء الرائع لحكام المستقبل.