سلم لي على المنتخب

عبد الرزاق أبو داود

TT

رحل المدرب بيسيرو غير مأسوف عليه بعدما صدر قرار اتحاد كرة القدم السعودي بإقالته، وهو قرار جاء في محله كنتيجة طبيعية لمسيرة هذا المدرب «النمطي» مع المنتخب الوطني السعودي لكرة القدم.. رحل بيسيرو وجاء ناصر الجوهر، وهو ليس بغريب على المنتخب، فقد تولى قيادته الفنية مرات سابقة.. تذمر البعض وأيد البعض واعترض آخرون وكل يدلي بدلوه في شأن هذا المنتخب السعودي الذي شغل الناس وتباينت حوله الآراء.. كثر الجدل والمناقشات والاعتراضات والتنظيرات وكل جعل من نفسه خبيرا ومدربا ومحور ارتكاز يجب أن تدور حوله وبه وتصدر عنه الأسس والاستراتيجيات وتتخذ القرارات.

في الحقيقة ليس هناك إنسان عاقل في هذه الدنيا لا يرغب في تحقيق النجاح والفوز في أي مسابقة كانت، فما بالك ببطولة كبرى قارات العالم مساحة وسكانا؟! الحقيقة التي تجاهلها كثيرون هي أن القائمين على إدارة شأن المنتخب الوطني السعودي لكرة القدم يرغبون ويتمنون بكل تأكيد وصدق نجاح المنتخب وتحقيقه للبطولات، وهم أنفسهم من تحققت معهم بطولات سابقة لهذا المنتخب.. وبدلا من أن ينبري البعض للانقضاض على المنتخب الوطني واتحاد الكرة ولجانه ومحاولة تهميش أوضاعه وزرع الألغام والشكوك حوله.. بدلا من كل هذا «الحكي» في «الفاضية والمليانة» علينا جميعا مناقشة أمور المنتخب بهدوء وروية ومن منطق عقلاني بعيدا عن الإساءة أو التجريح أو الانتقاص. المنتخب مثله مثل غيره له وعليه.. و ومستوى المنتخب هو انعكاس طبيعي لمستوى فرق كرة القدم السعودية. ورفع مستوى كرة القدم في الأندية السعودية مسؤولية الجميع، أندية وإدارات وجماهير ومدربين وإعلاما وأعضاء شرف وجهات رسمية.. بمعنى آخر: إن المسؤولية ليست منوطة باتحاد كرة القدم بمفرده أو الرئاسة العامة لرعاية الشباب، لكنها مسؤولية الجميع. انظروا إلى مستويات الفرق السعودية، وانظروا كيف كانت في بطولة آسيا في المواسم الأخيرة.. انظروا وعندها سنعرف أن مستوى كرة القدم في الأندية السعودية قد تراجع بشكل واضح، ولكن لا حياة لمن تنادي.. نعم انطلقت أصوات وأقلام من جهات مختلفة، كل منها انقض على المنتخب الوطني، وكل منها يدعي أنه يدافع عن «الوطنية الكروية» بمثل هذه الكتابات أو المقولات حتى كتاب الشأن العام «احلوت» في أعينهم كرة القدم فوجدوا فيها موضوعا دسما يهم الناس، ولم لا؟ فلنكتب في هذا.. فهو المطلوب الآن.. الآن وليس غدا.. حتى هؤلاء أصبحوا خبراء رياضة ومجتمع ومثقفين واقتصاديين وإعلاميين وما شئت.. فالمواضيع جاهزة والمنتخب وليمة دسمة.. بالله عليكم دعوا الرياضة لأهلها واستمروا فيما أنتم فيه ويكفينا «المتحدثين» بلا انقطاع عن البث في بعض برامج «الحكي» الهلامية التي «تطربنا» صباح مساء.. وتلتهب بـ«أطروحات» مضحكة مبكية.. وسلم لي على المنتخب.. فقد يفوز أو يتأهل في مناسبة مقبلة وينقلب كل شيء إلى نقيضه.. ويعود المنتقدون أدراجهم ويشيدون بكل كبيرة وصغيرة.. وإن هذا كان رأيهم منذ البداية.. وحتى النهاية.. ولا عزاء للقراء والمشاهدين والشامتين والناعقين والناكصين!