حيلهم.. بينهم!

هيا الغامدي

TT

لم يكن أشد المتفائلين يتوقع أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه الآن في الميدان الآسيوي، أو على الأقل بالنسبة لي أنا!! من كان يظن أن اليابان أو حتى أستراليا يمكن أن تصلا إلى بر الأمان الآسيوي الأخير في البطولة الأممية؟ ليس عطفا على (التاريخ) لأنه بالتأكيد سينصف أحدهما ويعزز قوامته القارية على باقي الفرق الآسيوية، ولا مجال للجدل، اليابان.. (ثلاثة ألقاب) سابقا!! ولكن من باب الصعود البطيء لأعلى بأقل مجهود، بدءا من مباراة الأردن الأولى حتى وإن سار على الدرب بعد ذلك اليابانيون، ولكنْ (قليلون) للغاية هم من توقع وصولهم لهذا النهائي بالذات!! فالكثير منا وأولهم من تكتب الآن توقعنا الحظ الأوفر لكوريا الجنوبية التي قفز منها الساموراي للأمام بضربات الحظ الترجيحية ولا عزاء، فبنظرة محايدة تشعر بأن لاعبي اليابان هم (مقاتلون) من الدرجة الأولى، وأن كرة القدم لديهم معركة إثبات للذات (نكون أو لا نكون)!

فالمستديرة بعقليات شعب طوكيو وما حولها نظام التزام - احترام - قبل أن تكون احترافا ومهنية، مع منتخب اليابان تشعر بأنك أمام كتيبة عسكرية تنفذ المطلوب منها بقناعات احترافية بحتة بعيدة عن مشتتات الذات ومنغصات اللحمة الوطنية بين مجموعة أتت لأداء مهمة - عمل - وطنية بعيدا عن أي مبررات أو أي خلافات واختلافات من نوعها!!

حزنت لخروج كوريا الجنوبية، على الأقل كانت تملك حظوظا وتوقعات أكثر منا، وحزنت أكثر حينما أدارت الكرة وجهها عمن أتى ليخطف ويبهر ويسحر الألباب، المنتخب الكوري الجنوبي، وبالتالي توج الساموراي طرفا لنهائي استحقه.

وعلى الضفة المقابلة توقعنا مباراة (ثقيلة الطينة) عطفا على (استايل) اللعب بين الأستراليين والأوزباكستانيين الذين هزموا شر هزيمة بالستة وعلى غير المتوقع بعد الأداء القوي منهم طوال فترات البطولة!! سبحان مقلب القلوب، الطاولة قلبت والبوصلة اتجهت إلى أقصى الشرق من موقع الحدث، للبلد الذي كان يمثل حتى وقت قريب قارة مستقلة بحد ذاتها، فالضيف الثقيل الذي دخل السباق الآسيوي غير كيمياء البطولة لمركبات احترافية أكثر تفاعلية!! في سيدني وما حولها تتغير الأمور على النقيض من وضعيتنا الجغرافية والبيئية والبشرية والحضارية كذلك، ولا نجد منها الانزلاقات التي نراها الآن هنا وهناك!!

إن مواجهة الغد التي هي النقيض ونقيضه، قيض لها أن تقام في بلد عربي يملك بذورا مستقبلية خصبة لقاعدة رياضية إنسانية حضارية باهرة لسنة 2011م (الدوحة). تُرى كيف ستطوي صفحة الختام وتنتصر للعرب بمعركة لا تهمهم فيها سوى الاستضافة فقط...؟ ولا عزاء للبقية!!

اليابان تملك التاريخ والتمرس والقتالية والخبرة بالتجديف لأبعد والغوص في المياه الآسيوية التي لم يعد شرطا أن تبتلع فيها الحيتان الكبيرة الأسماك الصغار!! وأستراليا الفجر الجديد من العمق البعيد، طل فغلب وأوجع. لدي صديقة هناك تحكي لي الكثير عن روعة هذا البلد العرقي المختلط الأجناس، والذي لا يملك من الأسلحة سوى الطموح والجدية والعمل التراكمي. انظروا لأندية أستراليا ووضعية الدوري هناك وأمعنوا النظر إلى المحترفين والمدربين والمشاركات وقارنوها بنا.. هل لاحظتم الفرق؟!! أجيبوني! أما الغد... فـ(حيلهم بينهم)!

[email protected]