اتضح لي من خلال الصفحتين اللتين قدمتها «الشرق الأوسط» بالأمس حول أسعار النجوم، وانتقالات اللاعبين وربط هذه المبالغة في ارتفاع الأسعار بإخفاق المنتخب السعودي لكرة القدم في نهائيات آسيا الأخيرة أن العودة للماضي مستحيلة وثمة ضرورة لمسايرة لوائح أو توجهات الاتحاد الدولي لكرة القدم وأن عملية التحكم في قيمة انتقال اللاعب باتت صعبة.
اللافت للنظر أن هناك من رأى أن الأسعار واقعية بيد أن أداء اللاعبين لا يتناسب وما قدم لهم في حين رأى البعض الآخر أن المبالغ ضخمة جدا.
شخصيا أرى أن المبالغ التي تدفع للاعبين مبالغ فيها بالفعل في مقابل ما تجنيه الاندية من عطاءات النجوم ومع ذلك أرى أن تحديد سقف للانتقال غير مفيد لكن المشكلة تتمثل كما قال البعض في عدم احترافية المفاوضين الذين يبالغون كثيرا في دفع مبالغ طائلة، وهي مبالغ تصل إلى نسبة عالية جدا إن حاولنا قراءة هذه النسبة وقارنها بميزانيات الاندية وكيفية الحصول عليها.
الواقعية بالفعل مطلوبة، والتحكم غير مطلوب، ولو سئلت عن التحكم المطلوب في أنديتنا لأشرت فورا إلى ضرورة «التحكم» بالكرة. مشكلة أنديتنا أنها فقدت قدرة السيطرة والتحكم في مجريات الكثير من المسائل التي تخص الشأنين الإداري والفني.
أما التحكم الفني فهو في نظري أكبر مشكلة فنية تواجه كرة القدم السعودية وقد بينت المباريات التي يشارك فيها اللاعب السعودي أن قدرة التحكم أكبر عيب يواجه اللاعب السعودي وأبرز أسباب هذا الخلل يتمثل في تأخر بدء اللاعب السعودي في اللعب رسميا، ويعاني اللاعب السعودي من الخلل والعيب الفني الكبير المتمثل في ضعف الأداء «التكتيكي» ويزداد الأمر سوءا بضعف الإعداد البدني ناهيك عن الخلل في الإعداد الذهني والنفسي الأمر الذي يصعب مهمة الجهاز التدريبي في القيام بأداء الدور الخططي على النحو المطلوب.
يصطدم المدرب العالمي القادم من الخارج في تطبيق خططه على النحو المطلوب في ظل ما يواجهه من امكانات ضعيفة جدا فيما يتعلق بالإعداد المهاري ولذلك يظهر اللاعب السعودي ضعيفا ويتوارى فرديا وجماعيا في أداء المهارة الجماعية بحيث لا يستطيع اللاعب الاستحواذ جماعيا على الكرة مدة طويلة من الوقت.
ثمة ارتباط بين التحكم والدقة، وإذا كانت الدقة تعتمد على الوراثة والتعليم فإن التحكم أيضا المرتبطة بالدقة يعتمد على العاملين المذكورين وان كان للتعليم والتدريب المبكر الأثر الكبير.
في المباراة النهائية في بطولة آسيا لكرة القدم كان للتحكم تأثيره الواضع، وقد تميز الفريقان بالتحكم الجميل وقدما عرضا تفتخر به القارة الآسيوية وكانت المباراة «عالمية» في التنظيم والأداء و«عالمية» حتى في الهدف الوحيد الذي كان من أجمل أهداف النهائيات.
أعود للتحكم في انتقالات اللاعبين وأقول إن التحكم المباشر بات أمرا صعبا بيد أن الواقعية مطلوبة، والاحترافية ضرورة والأندية بحاجة ماسة لخبراء في التفاوض ومعرفة امكانات اللاعبين لأن هذا السباق المزعج نحو الاستقطاب ودفع الملايين بدون دراسة من شأنه الإضرار بكرة القدم السعودية.