«ديغاج تونسي»

محمود تراوري

TT

حين توّجه الناخبون في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عبر صناديق الاقتراع لاختياره رئيسا بـ154 صوتا، مقابل 80 صوتا لأقرب منافسيه، خرج جمال تونسي الفائز برئاسة نادي الوحدة معربا عن بالغ سعادته بعودته مرة أخرى لخدمة نادي الوحدة ومكة المكرمة اللذين يحتلان مكانة خاصة في قلبه حسب تعبيره، مؤكدا أنه وأعضاء مجلس إدارته سيسعون بكل ما يملكون من قوة ودعم لتقديم أرقى الخدمات لنادي الوحدة العريق، وإعادة زرع الابتسامة على وجوه الوحداويين التي غابت عنهم سنوات، مشيرا إلى امتلاكه الكثير من الأفكار والبرامج والأهداف والرؤى المستقبلية التي ستنهض بالنادي وتعيد بريق الفريق الوحداوي الأول لكرة القدم.

تونسي وقتها وفي نشوة الإطاحة بغريمه عبد المعطي كعكي لم يتذكر أنه رئيس نادٍ وليس فريق كرة قدم فقط، غير أن هذا لم يمنع المراقبين من التفاؤل بتصريحاته مع أن أغلبهم لم يعرف أو يطلع على برنامجه الانتخابي الكامل وفقا لما تقتضيه بديهيات العمل المدني المتكامل والشفاف.

قبلها بوقت قصير قلت في مداخلة ببرنامج تلفزيوني إن «من مشكلات الوحدة المتجذرة استغراق محبيه في وهم العراقة والأمجاد الغابرة، ولكي ينهضوا حقيقة عليهم الانعتاق من هذه الأوهام ومعرفة أنهم لم يصبحوا إلا ناديا صغيرا فقيرا كغيره من أندية الوسط وما دون». وطبعا لم يرضِ هذا الرأي بعض الوحداويين، وأنا لا ألومهم؛ فهم محكومون بالعواطف أبدا.

لكني ارتاح اليوم ظانا بصوابية رأيي، وتونسي يعلن في الصحف قبل يومين أن ناديه يعاني ضائقة مادية، وأنه مهدد بالهبوط للدرجة الأولى (هبط النادي في التسعينات إبان إدارة التونسي للكرة)، وعلت على سطح المشكلات أزمة مهاجم الفريق مهند عسيري، ما حدا بتونسي إلى الجهر بوضوح وليس تلميحا أو همسا، أنه ليس أمامه للخروج من المأزق إلا بيع عقود لاعبين، وكل المؤشرات تقول إن عسيري سيكون أولهم.

تونسي وقبل أن تمضي سنة على تتويجه رئيسا غفل عن قوله عقب الفوز بالرئاسة بأنه سيسعى بكل ما يملك لدعم النادي، ما يوجد مبررا لجماهير النادي العتيد أن تتساءل الآن عن تلك الوعود، بل وربما بلهجة عامية صافية (فين ذلك البكش)؟

لن يلوم أحد تلك الجماهير الصابرة، لو وقفت اليوم أمام بوابة النادي وهي تهتف: «ديغاج تونسي»، مستعيدين نغمة التوانسة التي شالوها بالفرنسية وتعني «ارحل».

أتوقع أنه في ضوء نتيجة البارحة قد يتطور الموقف في الوحدة نحو ما هو أسوأ، و«ترجع حليمة لعادتها القديمة».