قيادات الأندية إلى أين؟

عبد الرزاق أبو داود

TT

التأرجح بين الواقع والعواطف يقود أحيانا إلى إشكاليات سلبية.. وتضعف الأندية الرياضية كثيرا عندما تتعقد عمليات إدارتها.. فيستحيل فيها التوازن إلى ضعف وترهل.. ويتهاوى المستعجلون فاقدين الاتجاه؛ كما نشاهد حاليا! النجاح في العمل الإداري الرياضي يتطلب ما هو أبعد من الحماسة، والجماهير المتعاطفة، وكلاهما مهم لنجاح العمل، غير أنهما يواجهان عقبة أساسية اسمها الموارد المالية. التمعن في سمات القيادة الرياضية يظهر وجود أنماط متباينة منها المتعقل؛ والإنساني؛ والمتحضر؛ والسياسي، وكل منها يملك إمكانات متباينة للمحافظة على قدر من التوازن بين ما هو مادي ومعنوي من خصائص القيادة، وكلاهما تحتوي حزمتين من العوامل تتنازعمها الموضوعية والهوى.

«نماذج» القيادة الرياضية تختزن في تكوينها تفاصيل مقارعة فردية.. وعلاقات متشابكة.. وتجارب كثيرة، وهي بطبيعتها تقدم دروسا عملية في التوازن الذي يمكن استدراكه من بين هذه المتناقضات.. للوصول إلى أحسن ما يمكن من نماذج للتمثل والمتابعة. المتناقضات الرياضية التي تعانيها أنديتنا الرياضية تشير إلى أن «العمل المنفرد» عادة ما يقود إلى التردي في الأخطاء، ومن ثم اتهام للآخرين بعدم تقديم الدعم.. وإذكاء دوامات الإشاعات والإحباط.

تعريفات القيادات الرياضة في أنديتنا يمكن أن يوضح بعضا من المسائل التي تشغلها.. وتوضيح بضع مشكلات تعاني منها بعض القيادات الرياضية بالأندية! فهناك قيادات «متعقلة» تركز على التفاصيل وتترك مساحة ضيقة للصدف، وعادة ما يكون هذا النوع هادئا منضبطا غير عدواني. ونمط يتصف بـ«الدهاء والحصافة» فيعمد إلى التحفظ والسرية، وآخر يتخذ «البعد الإنساني» منهجا للتعامل، فيعمد إلى تحقيق احتياجات انتمائه، وإطلاق القدرات الإنسانية بالتساوي وغالبا ما يجد صعوبات متعددة. ويتجسد النوع القيادي الأخير في أنديتنا الرياضية في «الرموز» الذين يتواصلون ويفرضون أسلوبهم من خلال استعادة وتمثل مآثر الماضي والسعي لتحقيق تطلعات المستقبل مستندين إلى تاريخ حافل بالإنجازات. وتتباين عمليات النجاح والإخفاق بين هذه القيادات الرياضية، وعلى الرغم من التباينات، فإن ما ينتج عن أعمالها يحمل في طياته تناغما أو تكاملا أو إخفاقا يختلف من نمط إلى آخر.

هناك فوارق بينة بين القيادة والإدارة الرياضية، ويجب التنبه لها، فقد يكون القائد الرياضي إداريا، غير أن معظم الإداريين لا يملكون سمات قيادية، وهو ما يفسر معاناة بعض الأندية عندما يصل إلى قيادتها بعض من يعتقد أنهم «إداريون»، وهم في واقع الأمر لا يتسمون بخصائص القيادة الرياضية المتصلة بجذور العمل الرياضي وتفريعاته. القيادة الرياضية المتمكنة هي ترجمة لـ«قواعد» العمل الرياضي بكل سماته، واستحضار لأرقى ما في النماذج المنوه بها آنفا، فعندها تتوارى «النزعات الذاتية»، وتتقدم قيادات رياضية متمكنة وتملك مقدرة على صنع التوازن النظري والعملي رؤية وتحليلا جمعا وتفصيلا.. والمقاربة بين سخونة المشاعر ومتطلبات العمل وآمال الجماهير ومطالب الرياضيين التي لا تتوقف!! يتحول العمل القيادي إلى فن ومتعة جديران بالاستحسان والمغامرة الفردية المستنيرة.