الاكتئاب في الرياضة

مساعد العصيمي

TT

كيف بلغنا هذا الحد؟ اختلاف في التعامل مع قضية كما هي حالة الروماني رادوي.. تجرنا لحرب شعواء.. حطبها المؤسسة الرياضية والمفاهيم والأخلاق.. بل والمصداقية.. فكيف باختلاف يأخذنا إلى جعل المؤسسة الرياضية، عبر تاريخها الطويل، غير عادلة في تقييماتها والبطولات التي تجرى تحت إدارتها؟ التشكيك والتوتر بلغا مبلغا لم يجارَ من قبل.. تنابز بالتنازلات من قبل المؤسسة الرياضية.. وكل يخرج حصيلته.. تسابق على اختلاق التفسيرات.. والأشد والأمر.. محاولة التأكيد على أن هناك من هو على باطل.. وسرق الجميع عيانا بيانا.. بمباركة المؤسسة الرياضية!

هنا كأننا أمام حالة إخفاق في المفاهيم.. لا يجاريها أحد.. ليكون حقا حضورا رديئا ملء السمع والعين.. حضورا بقيمة التعصب والازدراء اللذين نجدهما من الآخرين.. حضورا مخجلا.. ولا أكثر من ذلك.

نعم نفتقد في الإعلام الرياضي الممارسة الحضارية في تداول الاختلافات.. ونفتقد الحوار البناء.. مجرد غثاء وشخصيات كرتونية باتت مملة؛ لأنها من فرط تفاهتها تجدها في كل مكان وكل وقت.. تهرف وتهرف.. تقول وتقول.. وأجزم أنها لا تفهم شيئا.. هم فقط محل تعبئة معنوية.. لا يدركون أبعادها وتأثيرها وخطرها.. أبواق أفواهها مفتوحة على الآخر.. هدفها الكيد والتشكيك.. والرمي بالباطل.. رضي من رضي وغضب من غضب.. ما دام في الأمر انتصار للتعصب.. وأصداء جماهيرية احتفالية بالمتعصب المتجدد.

أيضا نحن لدينا حالة ثبات في الإخفاق لا تقبل أي تبديل أو تطور ولا حتى لسنن الحياة التي ترفض الكذب والافتراء.. إخفاق في الفكر.. في الاستراتيجية.. في المفهوم... بل والتعامل مع الآخرين.

عجز إعلامنا الرياضي في توطين مفهوم راقٍ شعاره الصدق والانحياز له.. لم يتعلموا من الرياضة قدراتها الهائلة في استيعاب الجميع.. لم يتعلموا منها قدرتها على التعويض النفسي.. قدرتها على مزج الفرح وجعله متاحا للجميع لم يتعلموا أنها تنقلب لتكون خطرة إذا لم يحسن استخدامها بين المجتمعات.. بل لم يتعلموا إلا الكيد والتناحر.. ومن ثم الانضواء تحت الكذب والتدليس.

كثيرا ما كانت الرياضة التنافسية مدخلا لفهم الآخرين والتمازج معهم.. لكننا، على الرغم من أننا أبناء مجتمع واحد، يأخذ بنا الكذب أبعادا كبيرة حتى نتخيله الصدق بعينه.

هذا ما يحدث من إعلامنا الرياضي الذي بات كالزوجة التي تلطم وجهها وتضرب رأسها بالجدار والدعاء بالويل والثبور على نفسها بالموت كرد فعل على عدم قدرتها على فهم زوجها، حين تحدث أي إشكالية من قبله! هو كذلك أمام قضية أطرها معروفة وحدودها معلومة كما هي مشكلة رادوي.. ينحى إلى تغيير المفاهيم بل ويواري الأخلاقيات.. بل إن أي قضية طارئة تبعث من جديد آفاقا في التحدي والتناحر.. والضحية رياضة كرة القدم في المملكة العربية السعودية.. ولعلها لم تفعل جديدا وهي تضيف فاصلا من الاكتئاب الجديد لهذه الرياضة.

وبعدُ فالمؤسسة الرياضية ممثلة باتحاد الكرة هي من يتجرع المآسي والإسقاطات.. لكن هي مستأنسة بذلك.. ولا يعنيها من يشكك ويسقط أشد التهم.. فقط هي تتفرج.. وليستأنس المتعصبون!

[email protected]