ولم أقل منزوع الدسم، لأن لقاءات الاتحاد والأهلي (اللذين يتقابلان الليلة) لا يمكن أن تكون جافة لهذه الدرجة، لكن الواقع يخبرنا أن ما تبقى من دوري زين سيكون بلا نكهة تقريبا، فالأزرق أبحر بعيدا وترك البقية يتصارعون على المراكز التالية..!
ليس ذنب الهلال أن تكون الأندية الأخرى بهذا الضعف، حتى إنها لم تستطع الاقتراب منه وهو الذي ظل متماسكا رغم المعاناة، حيث احتفظ بشخصية الفريق البطل الذي يحسم مواجهاته وهو في أسوأ حالاته، أما عندما ينتعش وينفك من الظروف فلا تسل عن روح التفوق.
الواقع أن الكرة السعودية بشكل عام، منتخبات وأندية ومسابقات، باتت قليلة الدسم، فقيرة فنيا، متخمة بالمفرقعات الفارغة، ولم يتبق سوى بصيص من الأمل (الذي يغالب اليأس) في صبح قادم.. فها هي بطولة الأندية الآسيوية المقبلة تكاد تضعنا أمام واقعنا من جديد!
إذن لا نتوقع من مواجهة قطبي جدة هذا المساء أن تأتي بجديد يختلف عما جاءت به مباريات الهلال والاتحاد أو الشباب والنصر، فالديربي المثقل بتفاصيل التاريخ والجغرافيا بات نسخة مصغرة تحمل جينات المتاعب نفسها التي تحملها الكرة السعودية.. إضافة إلى أن الأهلي ليس لديه ما يخسره بينما يتشبث العميد ببقايا الأمل الناحل.. وكلا الدافعين لا يشي بما يشجع على التفاؤل!
المفارقة تكمن في الحضور الجماهيري الجميل الذي يعاكس التيار السلبي ويقاوم الإحباطات المتراكمة، وكأنه يقول: لم يعد هناك ما يبهج سوى نبض المدرجات فلتحافظوا عليه قبل أن يتوقف.
كالديرون سامي
مؤسف أن تجد السلبيات تركيزا من الإعلام والجمهور أكثر بكثير مما تجده الإيجابيات.. لو أن الأرجنتيني كالديرون فشل في مهمته فلن يلتفت أحد للأسباب المنطقية التي تقول إن هذا طبيعي عقب تغيير الجهاز الفني وتداعيات الخروج من الآسيوية، لن يحكم أحد بتجرد بل ستصوب السهام على سامي الجابر بحجة أنه يتحمل مسؤولية اختياره.
الواقع أن التفوق الحالي يسجل للإداري الشجاع سامي الجابر، ويسجل طبعا لرئيس النادي الأمير عبد الرحمن بن مساعد الذي اختاره ومنحه الصلاحية، مرددا «إن خير من استأجرت القوي الأمين»، وهذا لا يلغي إمكانات كالديرون الذي وجد الأجواء الداعمة والمناخ الكروي الملائم.
لا بد من إنصاف النماذج الناجحة، وإبرازها، بدلا من الانجراف وراء العواطف والتركيز على السلبيات، فالاختيار الجيد والتعامل الراقي والثقة والدعم والتفويض والتجاوب، كلها أوجدت بيئة عمل إدارية يشاهد الجميع نتائجها على الأرض.