الخط الرفيع

مصطفى الآغا

TT

«حرية التعبير» هي في كثير من دساتير العالم البند الأول الذي لا جدال حوله ولا فصال، ولا تخضع حرية التعبير هذه للمساومة أو الابتزاز من قبل الحكومات أو القادة لشعوبهم، لأن الناس ولدوا جميعا أحرارا، وأساسيات الحرية هي أن يعبر الشخص عما يجول في خاطره وعقله دون الخوف من تبعات هذا التعبير، شرط ألا تكون هذه الحرية سببا للتعدي على حريات الآخرين.

وبالطبع نكذب إن قلنا إنه حتى في أعتى الديمقراطيات الغربية هناك «حرية تعبير مطلقة»، لأن الشواهد التي رأيناها - وأنا واحد ممن عاشوا في الغرب سنوات طويلة - تقول عكس ذلك.. فأنت تستطيع التعبير عن آرائك، ولكنك لا تستطيع دخول المناطق المحرمة، مثل انتقاد إسرائيل مثلا، ويكفي هذا المثال كي نعرف أن حرية التعبير ليست مطلقة، ولكنها تعتبر «حلما» بالنسبة للكثير من بلداننا العربية.

وسبب المقالة أن هناك خيطا رفيعا بين ما يراه البعض «حرية تعبير»، ويراه البعض الآخر انتهاكا لكرامته، وتعد عليه.

فما يراه حسام حسن، المدرب الحالي والنجم السابق للكرة المصرية، أنه حرية تعبير عن موقفه من الرئيس السابق، حسني مبارك، رآه البعض طعنا في الثورة التي كان شبانها يُقتلون برصاص الأجهزة الأمنية التابعة للرئيس المخلوع، ولهذا كاد أن يقع حسام حسن في كمين في مصر الجديدة يوم السبت وهو في طريقه لتدريبات الزمالك، عندما تجمع حوله بعض الشبان وحاولوا استفزازه، ولكن الشرطة العسكرية أنقذته.

وما نراه نحن حرية تعبير تجاه واقع رياضي أو سياسي أو اجتماعي معين، قد يراه المسؤول المعني بهذا الملف «تجاوزا وتطاولا»، رغم أن هذا المسؤول هو رجل مثلنا مثله، وربما كان رجلا من عامة الشعب «سابقا»، وكان يحمل نفس الهموم والأحلام، ويحلم هو الآخر بأن تتاح له الفرصة كي يعبر عن رأيه. وفي قناعتي، فإن الساعة لا ترجع للوراء، ولا مفر منذ الآن من أن ينصت كل المسؤولين «الرياضيين»، على الأقل، لما يحدث في شوارع بلدانهم، وإلى ما تقوله صحافتهم الخاصة، وليس الحكومية، خاصة في مسائل الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة وتكميم الأفواه وشراء الذمم وتغييب الحقائق واستزلام الآخرين، والتشبث بالمناصب، وهي القضايا الرئيسية والمشتركة بين معظم الدول العربية، وأعتقد أن من لم يتعلم الآن من دروس ما يحدث في وطننا العربي الكبير، فلن يتعلم الدرس أبدا.