العاطفة والعقل

عبد الرزاق أبو داود

TT

الإدارة عموما هي علم وممارسة، والإدارة الرياضية ليست إصدار أوامر وتعليمات، بحيث كانت في أقطار متعددة مجالا متاحا أمام اللاهثين خلف الشهرة أو التسلية أو التطوع والعمل العام. ولما كان مفهوم الإدارة العصرية من المسائل الأساسية التي ينبغي أن يتسم بها العمل الإداري الرياضي، فقد أضحى تطويره ضرورة ملحة لا بد من السعي إلى تحقيقها، وليس كافيا أن يكون المرء متخصصا في مجالات الإدارة ليكون إداريا أو قائدا رياضيا. التأرجح بين العاطفة والعقل يتسبب في بروز تبعات يرزح تحتها الإداريون في الهيئات الرياضية، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تعثر بعض المؤسسات الرياضية نتيجة وصولها إلى اختلال إداري، أو المزج بين أولويات العمل الإداري الرياضي، وتلك التي تخص مؤسسات أخرى، فهناك فارق بين إدارة سوبر ماركت وقيادة فرق رياضية، وهو ما يندرج في إطار المبالغة في الإجراءات الإدارية. النجاح في الأعمال الإدارية الرياضية يتطلب أكثر من ممارسات إدارية صارمة، فلا بد من التخلي عن الممارسات العشوائية، وضرورة وجود قيادات إدارية كاريزمية؛ فالإدارة المتفهمة المنظمة ضرورة أساسية لنجاح العمل الرياضي.

تؤكد بعض الدارسات وجود أربعة نماذج إدارية تمخضت عن دراسة أداء شخصيات مهمة في مجالات مختلفة؛ حيث أمكن التعرف على أهمية إدراك القادة الإداريين للتوازن بين العقلانية والعاطفة، ومحاولة استيعاب المتغيرات المتعاكسة. وهناك نماذج فردية سعت إلى تحقيق النجاح من خلال الصراع مع متغيرات متباينة، وهي تجارب توفر دروسا قيمة لكيفية التوفيق بين مفردات ومتغيرات العمل الإداري الرياضي. وتمحورت هذه النماذج في: النموذج العقلاني: ويركز على التفاصيل الدقيقة في العمل الإداري، وغالبا ما يكون هذا التوجه بطيئا. والنموذج السياسي: ويتصف بالدهاء والبساطة، والتواصل المباشر بنطاقات العمل. والنموذج الإنساني ذو البعد الإنساني. والنموذج المتحضر، وهو نمط رمزي يحاول التحكم في مفردات العمل الإداري.

العملية الإدارية الرياضية ليست بالأمر السهل؛ كونها تتطلب أمرين رئيسيين: قدرات إدارية تنظيمية وإمكانات قيادية توفر ظروفا تهيأ لاتخاذ القرارات الميدانية بسرعة وقوة. الإدارة والقيادة متغيران مختلفان، متناقضان، وغالبا ما يؤدي تضادهما إلى مواجهة غير مجدية. وعلى الرغم من ذلك فإن هذه التباينات يمكن أن تفرز شيئا من التناغم. إن فصل العمل القيادي عن العمل الإداري يمكن أن يقود إلى الفشل! فالإدارة والقيادة عنصران مختلفان.. وكلاهما ضروري للحصول على إنتاجية عالية.

الجذور الأساسية لنجاح العمل الإداري الرياضي تتمثل في متانة العمل الميداني، والقدرة على استيعاب المتغيرات، والاستفادة من التطورات الفكرية والتكنولوجية؛ فمجرد الحصول على شهادة أو ثروة أو مكانة اجتماعية لا يغني عن التجربة الميدانية. التوجه نحو فهم واستيعاب الاتجاهات الإدارية العصرية يتيح إمكانية لصياغة رؤى إدارية رياضية ناجحة، يمكن أن توفر أداء متوازنا بين نمطية التحليل العقلاني الإداري وبين دفء وكاريزمية القيادي المفعم بالحيوية والعواطف المتقدة.