نار التصريحات بعد المباريات

مصطفى الآغا

TT

من الواضح أن هناك مشكلة في التصريحات «النارية» التي نسمعها بعد الكثير من المباريات السعودية، خاصة في ظل وجود إعلام «قوي» يستطيع التركيز على أصغر الكلمات أو أقل الهفوات، وهذا من حقه ما دام لم يخترع هذه التصريحات. ومن الواضح أن هذه التصريحات تشكل «مشكلة» كبيرة للأندية وأحيانا لاتحاد اللعبة، وتسيء بشكل أو بآخر لصورة الكرة السعودية، كما وصفها الكثير من المسؤولين والزملاء.

شخصيا أرى أن التصريحات النارية هي جزء من اللعبة ما دامت تدور في فلك الرياضة، لكنها يمكن أن تصبح «جزائية» في حال تحولت إلى قذف وتشهير بأشخاص بعينهم، كأن يتم اتهام حكم بأنه تعمد التسبب في خسارة فريق على حساب آخر، وهي تهمة خطيرة تخرج من النطاق الرياضي إلى نطاق الشرف والنزاهة والأمانة، وهناك تصريحات وأفعال مهما كبرت تبقى في الإطار الرياضي، فمثلا عندما يحتك لاعب بآخر ويسبب له عجزا أو إصابة أو حتى يجبره على اعتزال اللعب تبقى هذه الحالة «رياضية» لأنها جزء من اللعبة وجزء من مخاطر كرة القدم التي قبلها الجميع ويعرف كل من يمارسها أنه معرض لها (اللهم إلا إذا كانت النية مبيتة والدلائل لا تقبل التشكيك فعندها يختلف الموضوع)..

ومؤخرا حاول الاتحاد السعودي أن «يقنن» التصريحات من خلال التعامل مع ما قبل وبعد المباريات بصورة احترافية تتماشى مع المعايير الآسيوية والعالمية، والأكيد أن البدايات لا بد أن تكون صعبة، وفيها بعض «المنغصات»، لكننا واثقون من أنها ستصب في النهاية في صالح اللعبة والرياضة والإعلام والأندية وحتى الجماهير، وهي المفاصل الرئيسية لكرة القدم في أي مكان وزمان..

وبالتأكيد فحالات التشنج داخل الملعب لا يصح أن نبني عليها «مواقف محددة»، لأنها في الغالب مواقف انفعالية ويمكن أن يتم البناء عليها لو تم الإصرار عليها لاحقا، والأكيد أن «الصلح سيد الأحكام»، لأن الرياضة وُجدت لتقرب بين الناس لا لتباعد بينهم، وهذا رأيي الشخصي الذي لا يُلزم أحدا سواي، مع التسليم بأن أي شخص بالغ راشد وعاقل يتحمل في النهاية مسؤولية كلامه، وقد لا يعجب كلامي هؤلاء الكثيرين التواقين للإثارة والباحثين عن الأخبار و«شعللة» الأمور، وهم قد يعتقدون أنهم بهذا يستقطبون المشاهد أو القارئ وهم يجدون من يتفق معهم في هذا الرأي، لكني عادة من الميالين للتوافق وتبريد الأمور، لأن الرياضة في النهاية وجدت للترفيه عن الناس لا لإثارة الخلافات والضغائن، وهذا ما شهدناه في الكثير من الحالات العربية العربية والمحلية والتي أثبت الزمن فيها أن الخلافات زائلة والبقاء للروح الرياضية والمشاعر الأخوية، خاصة في ظل وجود جماهير مشحونة أو قابلة للشحن. ولهذا أتمنى شخصيا أن تتم معالجة أي موضوع «شخصي» ضمن الأطر الرياضية كما حدث بين زيدان وماتيراتزي مثلا، إذ كان الموضوع شخصيا ونتج عنه رد فعل رياضي في أكبر محفل رياضي في العالم وعلى مرأى ومسمع من بلايين البشر، ثم انتهت القصة بعد زمن باعتذار ماتيراتزي من زيدان رغم أنها شغلت الرأي العام الإيطالي والفرنسي والعالمي أياما طويلة.

يبقى رأيي في النهاية خاضعا للقبول أو الرفض، لكنه يبقى رأيا خاضعا للنقاش بطريقة صحية، لأن النقاش والحوار هو السبيل الأمثل لحل أي خلاف أو مشكلة.