صامويل إيتو.. أسد إيطاليا

باولو كوندو

TT

المهارة الفنية، القدرة على اختراق الشباك والدقة في تسجيل الأهداف. إنها سمات أساسية في نجوم كرة القدم، ولكنها ليست السر الوحيد في تألقهم وشعبيتهم الكبيرة التي يتمتعون بها في أنحاء العالم، فالصفة الرئيسية التي تميز الأبطال في كل مكان هي وجود جانب إنساني جميل في شخصياتهم وحياتهم العادية. لقد قدمت مباراة الإنتر × بايرن ميونيخ مثالا حيا لهذه النظرية، موضحة دور الأفراد في قيادة الجماعة ومدى قدرتهم على تحقيق أشياء عظيمة، ولكن البطل هنا فريد من نوعه لأنه صامويل إيتو. ما زال الأسد الكاميروني هو مفتاح لغز المباريات الهامة، بل إنه الإضافة الحاسمة دائما في فريق ليوناردو، وهو ما يجعل الأصوات التي تقارن بينه وبين زلاتان إبراهيموفيتش حتمية وسهلة في الوقت نفسه، ولكن، وعلى الرغم من التشابه الكبير في دورهما مع فريقيهما، فإن هناك الكثير من أوجه الاختلاف بينهما: دائما ما يهبط إيتو إلى الملعب وهو يعلم جيدا أن هناك حالة من الرعب تجتاح منافسيه من تاريخه الكبير والحافل في أوروبا، على عكس زلاتان الذي يزداد عن منافسيه شجاعة وجرأة كلما اطلعوا على ماضيه الخاوي من البطولات والألقاب. يبدو أن تاريخ إيتو وإبراهيموفيتش يسيران في خطين متوازيين، وأنهما لن يتغيرا أو يلتقيا قط.

ويتميز النجم الحقيقي بالقدرة على إلقاء الأخطاء والأوقات العصيبة وراء ظهره، ولو حدث العكس لدخل في نفق مظلم، سيؤدي به إلى نهاية مؤسفة لمسيرته الكروية الحافلة. والنجم هنا هو خوليو سيزار حارس مرمى الإنتر الذي أهدى لغريمه الألماني هدفا سهلا للغاية في الذهاب وآخر في مباراة الإياب، ولو أن البرازيلي استسلم لشعوره بخيبة الأمل بعد هذه الأخطاء الفادحة في كلتا المباراتين، وهو ما يمثل انهيارا تاما لواحد من أفضل حراس المرمى في العالم، لكان الإنتر اليوم يبكي على هزيمته الثانية أمام البايرن، ملقيا باللوم على حارسه الذي أخفق في مهمته. لقد كبح جوليو سيرز جماح غضبه ويأسه وقرر أن يبقي فريقه حيا في مواجهة البايرن الذي كاد يخترق شباك الإنتر للمرة الثالثة وكان قادرا على إنهاء المباراة لصالحه لولا جهود البرازيلي الذي رفع شعار أحد الأفلام السينمائية الشهيرة وهو « فقط من يسقط يستطيع النهوض فيما بعد».

والنجم هو من يستطيع أن ينتظر الوقت المناسب ليضرب ضربته القاضية كما فعل غوران باندف حين سجل الهدف الثالث والأخير للإنتر. وعلى الرغم من وقوعه في بعض الأخطاء في لحظات مهمة من المباراة، نجح المقدوني في إحراز الهدف الأهم على الإطلاق في دوري أبطال أوروبا وفي الموسم بأكمله. إنها القدرة على استجماع القوة وإلقاء الرعب في قلوب الآخرين. وبالبطل الحقيقي هو من يستطيع أن يطفو بفريقه إلى السطح، منقذا إياه من الغرق في ظلمات الهزيمة مثلما فعل ويسلي شنايدر رمانة ميزان الإنتر في مواجهة بايرن ميونيخ.

والنجم هو الرجل الذي لا يخجل من الاعتراف بنقص الخبرة عند توليه مهمة كبيرة كقيادة فريق الإنتر، فقد كان حماس ليوناردو كافيا لتخطي جبال الخوف وعدم الخبرة مع أبطال الإنتر الذين سجلوا ثلاثة أهداف رائعة، ليتحول هدفا بايرن ميونيخ إلى تكريم أوروبي لأصحابها وليس أكثر. هكذا، نجد أن إيطاليا لم تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد، بل إنها ما زالت حية ترزق في دوري أبطال أوروبا وليس هناك أي شك في قدرة فرقنا على تحقيق الأفضل.