وجهات نظر!

عبد الرزاق أبو داود

TT

رغم كونها كرة قدم ورياضيات وفعاليات أخرى، فإن الحركة الرياضية السعودية وجماهيرها وإعلامها تتحول إلى حالة من التماهي والتنافر. ماذا يحدث حولنا وفيما بيننا بسبب هذه المجنونة المستديرة.. وهي مجرد كرة صنعت نسختها الأقدم قبل ألفي عام بهدف التسلية والقوة البدنية وتدريب الجيوش.

أغرب ما يلاحظ في سياق تطور الرياضة السعودية ما يمكن تسميته اصطلاحا بحالات «الحب والعداء» التي تنتابنا لأتفه الأسباب، فترتفع معدلات الغضب والعنف اللفظي والمادي، وتتطاير الاتهامات، وتجير الأمور والمفردات والأفعال إلى الأنا النرجسية، وتتغير الحقائق، وتستثار الجماهير، وتصطنع حالات من «الشغف الوطني» المبالغ فيه، وكأنها قضية حياة أو موت، وتتزايد حالات التعدي على كرامة الآخرين، سواء في الملاعب أو من خلال بعض المنافذ الإعلامية، بذريعة حرية الرأي واحتماء بـنظام يستسيغ ذلك.

هي حالات تحولت من المستوى المحلي الضيق إلى المستوى الوطني! وبالتالي ماذا كانت وبدت ردود فعلنا عندما نجد الجماهير التي تشجع ناديا معينا تجد نفسها في مواجهة تتعلق بكرامة وسمعة النادي الذي تشجعه؟ ماذا ستفعل وقد تعرضت للأذى والشتيمة؟ وكيف تكون مشاعرها وتصرفاتها تجاه الفاعل؟ ألم يسأل أحدهم نفسه عن ذلك؟ وما هي توابع وتبعات مثل هذه التصرفات؟ التي تظهر وتختفي استعراضا لهيمنة إعلامية تبث السموم في قالب من عسل!

هل وصل بنا الحال إلى أن لعبة اسمها كرة قدم تحول فئات من مجتمعنا إلى «صيغ» من «العدوانية» جراء التعلق بهذه التوجهات؟ ما الفائدة من طروحات عن أكثرهم فوزا أو خسارة؟ وأولهم وآخرهم قيمة وأهمية؟ إلى آخر المعزوفات الهلامية التي تثير الأحقاد وتؤجج مشاعر الكراهية! ماذا يجري عندما يتسبب أحدهم في تأجيج مشاعر الجماهير، خاصة ممن لا دراية لهم بأصول اللعبة الرياضة؟ وما يمكن أن ينطلق تبعا لذلك من مشاعر تفقد البعض صوابهم.. ليتخطى الأمر حدوده إلى الاعتداء على الآخرين وعلى مشاعرهم وانتماءاتهم!

هل تحولنا إلى هذا الحد من مصنفات وفواجع الحب والعداء؟ إن من يقرأ بعضا من صحفنا الرياضية أو يشاهد بعض برامجنا التلفزيونية الرياضية يعتقد أننا في حالة «حرب رياضية» لا تنتهي إلا بالقضاء على الآخر، بل إن حالات «الكراهية والحب» وصلت ببعضهم إلى حد إلغاء الآخرين، ونبذهم والادعاء زورا بـ«ابتداع» الرياضة والكرة في هذا البلد! ينظرون.. يقيمون بعين واحدة لا ترى إلا لونا وجانبا أحاديا، وغيرهم مجرد أدوات تكميلية! وكأننا شعب لا يعنى بشيء آخر قدر اهتمامه بكرة القدم وتوافهها.. والوقائع متعددة..

إن المشهد الرياضي السعودي يشير إلى حالات من «الحب والعداء» المزاجي، وكثير من صفات ومواطن التعصب، بحيث يكاد الأمر ينفلت من عقاله، ولم تعد تنفع معه أي تحذيرات أو تهدئة، فقد تحول المشهد إلى مشاعر عامة متماهية من الحب والكره تجاه الآخر، وما تعنيه هذه العبارات من معان مقلقة على تركيبة نسيجنا الاجتماعي.