«كذبة» انخفاض مستوى الدوري السعودي

موفق النويصر

TT

يتداول الإعلام الرياضي السعودي، المرئي منه والمكتوب، عبارة «هبوط مستوى الدوري»، دون معرفة مطلق هذه «الكذبة»، التي هرول خلفها الجميع وتعامل معها وكأنها حقيقة خالصة لا يخالجها الشك.

الأكيد أن البطولات السعودية كانت محصورة في الماضي بين ناديين محددين، وفي أوقات كثيرة تحسم أمرها قبل نهاية الدور الثاني، معتمدة على استمرارية هذين الفريقين في تجاوز مبارياتهما بأقل عدد ممكن من التعثر.

أما ما يحدث اليوم فهو إثارة موزعة على جميع الأصعدة، ولا يستطيع أي شخص يملك جزءا من العقل، أن يجزم بحسم بطولة الدوري قبل نهاية الجولة الأخيرة.

قد يكون نادي الحزم هو الفريق الوحيد الذي تأكد بصفة نهائية رحيله إلى مصافي أندية الدرجة الأولى، ما لم تتم زيادة أندية الدرجة الممتازة إلى 16 فريقا، عطفا على حصده لـ6 نقاط فقط خلال الـ20 جولة الماضية، بالإضافة إلى تدني مستوى أدائه، بخلاف ما كان عليه الفريق في المواسم الماضية.

وعلى الرغم من تصدر الهلال لأندية دوري «زين» بـ46 نقطة، متقدما على أقرب منافسيه الاتحاد بـ6 نقاط، والنصر بـ10 نقاط، فإن وجود 18 نقطة في بنك الدوري، يجعل إمكانية إعادة ترتيب فرق الصدارة بخلاف ما هي عليه الآن أمرا ليس مستحيلا.

وكما هو التنافس بين ثلاثي الصدارة على أشده، تتنافس أندية الوسط على البطاقة الآسيوية الرابعة، وكذلك فرصة الانضمام إلى الثمانية الكبار للمشاركة في بطولة خادم الحرمين الشريفين للنخبة، ما يعني سخونة الجولات المقبلة، كونها ستجمع بين الطامحين إلى الصدارة والراغبين في المحافظة على مواقعهم في المنطقة الدافئة، أو أولئك الهاربين من لهيب القاع.

للأسف الشديد يغيب عن ذهن الكثير من المنزلقين في فخ الانتقاد لبطولات الدوري، أن كرة القدم الحديثة أصبحت صناعة أكثر من كونها هواية أو رياضة للمتعة، لذلك من غير المستبعد أن ترى نجوما لا يشق لهم غبار من حيث المهارة والإمتاع على دكة الاحتياط، فيما يأخذ مكانهم آخرون أقل مهارة، ولكن أكثر قدرة على تنفيذ ما يطلب منهم من مسؤولي الأجهزة الفنية.

يضاف إلى ذلك حركة انتقالات اللاعبين التي شهدتها معظم الأندية هذا الموسم، والتي مكنت عددا ليس بالقليل من اللاعبين الجيدين ممن لم يأخذوا فرصتهم في أنديتهم الأصلية، من فرض أنفسهم على خارطة أنديتهم الجديدة، ناهيك عن النهج التكتيكي الذي يتبعه المدربون لتحقيق نتيجة إيجابية لهم عطفا على إمكانياتهم الجديدة، كل ذلك ساهم بشكل كبير في إذابة الفوارق بين معظم الأندية، وبالتالي اختفاء الأرقام التهديفية الكبيرة التي كنا نشاهدها في الماضي في المباراة الواحدة، وبات من الصعب الجزم بفوز أي فريق على آخر في أي من مباريات الدوري.

لذلك أعتقد أن ما تشهده البطولات السعودية اليوم هو ارتفاع في مستوى جميع الأندية، وليس انخفاض مستوى أندية الصدارة، كما يحاول البعض أن يقنعنا بذلك.