الجميل وحده

أحمد صادق دياب

TT

* اعتزل أحمد جميل قبل سنوات، ولكنه ظل ساكنا في قلوب الاتحاديين خاصة، وفي قلوب محبي كرة القدم الذين لا يعرفون التعصب، ويعشقون الأداء الذي لا يعرف التراخي.. وفي ليلة وداع خاصة كان أجمل ما فيها البساطة، وأغلى ما فيها تلك الدموع التي لمعت في عيني القائد الاتحادي الكبير، التي لم يرها من قبل أحد في ملعب أي مباراة.. سلم الجميل شارة القيادة.

* تعود علاقتي بأحمد جميل ميمون مدني إلى أكثر من ربع قرن؛ عرفته وهو يقف بشموخ لا يعرف الانحناء أمام الصعاب، وباعتزاز لا يمكن أن يتنازل عنه، عرفته مع المدرب الإنجليزي بوب هاوتون، الذي أشرف على تدريب الاتحاد في عام 1406هـ، وحينها قال الإنجليزي الذي لا يعرف المزاح: «هذا لاعب من طراز نادر، أتوقع أن يكون أحد أهم لاعبي منتخبكم في القريب العاجل، وربما يكون أول محترف سعودي في أوروبا».

* وتحقق الجزء الأول من توقعات ذلك المدرب الإنجليزي الذي أشرف على تطوير قدرات هذا الأسمر الذي عرّف السعوديين معنى السد العالي.

* يختلف الكثيرون من الرياضيين حول أشياء كثيرة، ويتفقون على أن الفتى الأسمر واحد من أهم اللاعبين الذين أنجبتهم الكرة السعودية على مدى عصورها، ويجزمون أنه من أهم اللاعبين الذين عرفوا معنى القيادة.

* قال عنه رفيق دربه محمد الخليوي إنه اللاعب الذي يمكن أن يحول أي لاعب عادي يلعب إلى جواره إلى نجم، واستشهد بمن لعبوا مع «الجميل» في دفاع الاتحاد، ومنهم محمد الصحافي وباسم اليامي وخريش ودغريري وعلي سهيل والخطيب وعبد الله جابر.. ربما كانت هذه الصفة في القائد هي إحدى مميزاته التي لا يشاركه بها الكثيرون.

* أحمد جميل ليس مجرد لاعب كرة مميز، وليس قائدا على أعلى طراز فقط، إنما هو أنموذج للاعب يستطيع أن يجمع اللاعبين حوله خارج الملعب، ويشكل منهم وحدة تساعدهم على الالتقاء الفني في الملعب. منذ البدايات والجميل يصنع لنفسه خطا يجعله يقف منفردا بين اللاعبين. فقد عرف عنه حتى وهو يلعب في شوارع «الهنداوية»، حيث نشأ وترعرع، أنه كان أكبر من عمره، فقد كان دوما المتصدر للدفاع عن أبناء حيه، وأنه نقطة الالتقاء التي يلتف حوله الآخرون، والصغير الذي يعرف كيف يفكر الكبار ويتفاعلون ويتعاملون مع الأحداث.

* عندما بزغت نجوميته وارتقى على كتف المجد مع الاتحاد أو المنتخب لم يتنصل من أصدقاء تلك الحارة الغارقة في الشعبية، لم يرفع جبهته فوقهم، فقد كان أول من يشاركهم «المزمار» و«رقصات الفرح»، وأول من يشاطرهم الحزن ويقف معهم في صفوف العزاء.

* تأكد أيها الجميل أنك ستظل صامدا في ذاكرة محبي الكرة إلى الأبد.