وهم الانتماء!

عبد الرزاق أبو داود

TT

يبدو أن مفهوم «المحفزات» ليس واضحا لدى بعض الناس، وهذا ينطبق على أداء اللاعبين والفرق الرياضية. يظن بعض الرياضيين أن المحفزات قوة دافعة للقيام بعمل ما.. وتتمثل في تشجيع القيام بعمل ما.. لماذا لا ينفذ اللاعبون أحيانا ما يطلبه المدربون منهم؟ لماذا يعيش الرياضيون حياتهم في تجارب متباينة ويسعون لتبرير هذا النمط؟ في الواقع لا توجد محفزات محددة في ذهنيات اللاعبين لإحراز التفوق، ولأن اللاعبين يتسمون بمكونات «معينة»، فإن ما يدفعهم للتفوق مختلف كذلك. الإنجاز هو محفز التفوق الرياضي، وهو متجذر داخل نفسيات الرياضيين، غير أن الواقع يظهر أن الإنجاز لا يعني بالضرورة لدى هؤلاء جميعا نفس المفهوم المتعارف عليه، وإنما يكون محفز بعضهم هو تحقيق أهدافهم «الخاصة»، بعضهم يبذل جهودا كبيرة، فإذا تحققت أهدافهم انكفأ أداؤهم.

«المخالطة الاجتماعية» أحد محفزات التفوق الرياضي، حيث يجد الرياضيون متعة في مخالطة الآخرين، مما يؤدي إلى اتخاذ ذلك محفزا للعمل الرياضي، ويتضح ذلك في تصرفات بعض اللاعبين الذين يبذلون جهودا أكبر لكي تتم معاملتهم بصورة أفضل، فإذا لم يتحقق الغرض تدنى الأداء. وهناك أمثلة واضحة على ذلك في فرقنا الرياضية لا يفصح عنها اللاعبون، غير أن تصرفاتهم وتراجع مستوياتهم تشي بذلك. ومن أهم المحفزات التي نبرع في تقديمها للاعبين أن يمنحوا «حوافز مالية»، والإعلان عنها بصور مثيرة كثمن للعطاء. وهكذا فإن أداء اللاعبين يرتبط بحجم المحفزات المالية المحتملة، بل إن بعضهم ينخفض أداؤه بشكل ملحوظ متى ما ظن أنه تمكن من تحقيق أهدافه المادية عبر مقدمات العقود، كونه لا يعترف بالمحفزات الأخرى، كالانتماء الذي أضحى مجرد وهم بنظر بعض اللاعبين، وبعض الأندية المحلية تلجأ إلى الإعلان عن مكافآت مضاعفة للفوز كتحفيز للاعبين، في حين أن ذلك لا يعني شيئا لدى من كدس الملايين؟!

تتجه الأندية أحيانا إلى استخدام العقوبات كمحفز للأداء، التي قد تكون مجدية على المستوى القصير، ولكنها تصبح مدمرة للاعبين بالنهاية، وتؤدي إلى انخفاض مستوياتهم، وبالتالي فإن الأندية تكون حذرة في تبني هذا الأسلوب. وبالمقابل تلجأ الفرق إلى «محفزات التغير» فتقوم بإضفاء أجواء احتفالية لتغير البيئة التي يوجد فيها اللاعبون، وهو ما يعتبر محفزا مرحليا. بعض المحفزات يمكن استخدامها لدفع الرياضيين نحو التفوق.. كيفية ونجاعة استعمال هذه المحفزات ومن يقوم بذلك تؤثر على مدى نجاحها.

ولعل نظرة «فاحصة» لما تقوم به إدارات الفرق الرياضية من تحفيز غير مدروس يفسر قدرا من الإخفاقات جراء الافتقار إلى معلومات دقيقة عن العوامل الاجتماعية والنفسية والثقافية المؤثرة على حياة اللاعبين. نفتقر للدراسات الجادة في هذا المجال، ونعمل وفق رؤى اجتهادية لا تتفق مع متغيرات العصر، وتأثيرها على تفكير الرياضيين وطبيعة أهدافهم الرياضة والمحفزات الكامنة وراءها.. فهل فكرت بعض أنديتنا في تغيير بعض «قناعاتها» في هذا المجال الحيوي غير المنظور غالبا؟!