ليوناردو يقود حافلة الإنتر بقليل من الوقود

أريغو ساكي

TT

أثار سقوط الإنتر، حامل اللقب، أمام شالكه الألماني بخمسة أهداف مقابل هدفين في عقر داره، في الدور ربع النهائي من دوري أبطال أوروبا، عاصفة من الانتقادات الحادة التي طالت بدورها المدير الفني البرازيلي ليوناردو، الذي وجه إليه البعض سلسلة من الاتهامات بالهبوط بمستوى الفريق. ومنذ عدة أشهر، تمت إقالة رافائيل بينيتيز من الإدارة الفنية في الإنتر على الرغم من كونه واحدا من أعظم المدربين وأكثرهم إحرازا للألقاب على مستوى العالم، ولكنه واجه ضغطا محليا بالغ الصعوبة، واتُّهم بعدم القدرة على التعامل مع الحالة المعنوية للاعبين بشكل صحيح، فضلا عن افتقاره للجاذبية والبريق الإعلامي الذي كان يتميز به سلفه خوسيه مورينهو، الذي رحل عن إيطاليا بحثا عن مناخ ودوافع جديدة للعمل، بعد أن حقق سلسلة من الإنجازات التاريخية في عام واحد مع الإنتر. ولكن هل لعب اللاعبون دورا في حالة التدهور التي آل إليها الفريق تحت قيادة بينيتيز؟ لقد قررت مرارا وتكرارا أن الإنتر لن يحقق أي نجاح طالما أنه يفتقد الرغبة في العمل والدوافع المعنوية، فاللاعبون يشعرون برغبة ملحة في الراحة بعد عام حافل من الجهد والانتصارات، وهو ما أدى إلى سقوط لواء الحماس أرضا على الرغم من جهود المدير الفني المضنية. وفي ظل غياب الدافع، لن يستطيع اللاعبون الظهور بشكل جيد على أرض الملعب، وسيكون المناخ مناسبا لظهور النزعات الفردية والأنانية.

كرة القدم لعبة جماعية، ولذلك أرى أنه لا سبيل لحل مشكلات أي فريق دون تكاتف الجهود واتحاد الأهداف، وهو الهدف الذي نجح مورينهو في تحقيقه بفضل حكمته الكبيرة في خلق حالة من التناغم بين اللاعبين وإشعال حماسهم، بالإضافة إلى الاستخدام الأمثل للطاقات والمهارات الفردية. ولذلك، كان من الطبيعي أن يقع الإنتر في هذا المأزق عقب رحيل البرتغالي، وأصبح الفريق في حاجة ماسة إلى استعادة حماسه المفقود والسيطرة على رغبة بعض اللاعبين الشديدة في الاستراحة من عناء الموسم المنصرم، والتعامل بشكل صحيح مع حالات أخرى للاعبين الذين يشعرون بالفخر لما حققوه مع مورينهو، وكذلك حالات الإصابات المستعصية التي يصعب الشفاء منها في وقت قصير نظرا لكبر سن أصحابها. لقد فهم بينيتيز كل ذلك، سعى جاهدا من زيادة الكفاءة الجماعية للفريق عن طريق رفع وعي الفريق بأهمية الأداء الجماعي، بيد أنه واجه صعوبات عدة على رأسها الإصابات. ولم يجد الرئيس ماسيمو موراتي بدا من إقالته والاستعانة بليوناردو بدلا منه.

وجاء ليوناردو ليقود حافلة الإنتر في مرحلة صعبة للغاية، ولكنه نجح في الانطلاق بها من جديد بفضل يقظته وصغر سنه، فضلا عن علاقته الرائعة مع اللاعبين والرئيس موراتي. وركز المدرب البرازيلي جهوده على الجانب النفسي للاعبين، وهو ما مكنه من الاستفادة القصوى من المهارات الفردية واستكمال عناصر النجاح دون عناء. وعلى المدى البعيد، بدأت نقاط ضعف الإنتر في الظهور مرة أخرى، وكانت الهزيمتان الأخيرتان للفريق بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير حيث اشتعلتا نيران الغضب بين جماهير الفريق، التي بدأت في المطالبة بإقالة البرازيلي. غير أنني أعتقد أن أي حكم سيصدر الآن على ليوناردو لن يكون عادلا بأي شكل من الأشكال، فالبرازيلي يقود بالفعل فريق الإنتر بطريقة صحيحة، ولكنه لا يمتلك وقودا كافيا لإتمام مهمته الصعبة، التي تبدو مستحيلة أحيانا.

وإذا نجح ليوناردو في الفوز بشيء ما في نهاية الموسم الحالي، فسيكون الإنتر قد حقق إنجازا كبيرا هذا العام. من جهة أخرى أرى أن الإنتر يمتلك العوامل التي تؤهله لإنجاح مسيرته هذا الموسم، مثل وجود إدارة واعية، والموهبة الكبيرة التي يتمتع بها اللاعبون، فضلا عن الطاقم الفني الذي يعمل على خلق حالة من التناغم بين اللاعبين. الإنتر لم يفقد كل ما لديه بعد، ولكن عليه أن يستعين بالعناصر السابق ذكرها إذا ما أراد الخروج من هذا المأزق بسلام.