انقراض الحكم السعودي!

منيف الحربي

TT

العنوان بالطبع مكرر، فقد كتبت تحته هنا قبل أقل من عام وتحديدا عقب إعلان الحكم عبد الله القحطاني ابتعاده عن التحكيم، حيث تحدث حينها للزميل عماد المفوز بلقاء صحافي موسع جاء فيه: «خوفي من التعرض للإساءة هو أقوى الأسباب التي جعلتني أعتزل، خاصة ما يتعلق بالجانب الأسري والمجال الوظيفي». وقد علقت آنذاك على المقابلة وقلت إن القحطاني أنهى مسيرته مع الصافرة، لكن متاعب حكامنا لن تنتهي طالما ظلت الإساءات حاضرة والعقوبات غائبة!

اليوم نردد «ما أشبه الليلة بالبارحة» فها هو أبرز حكم سعودي يعلن اعتزاله التحكيم رغم أنه يمثل المستقبل المشرق للحكام المحليين، ورغم أنه للتو بدأ مسيرته وأثبت كفاءته الرائعة حيث يعد أصغر سعودي ينال الشارة الدولية.

خرج فهد المرداسي على شاشة «الرياضية» السعودية، ليعلن عبر البرنامج المميز«الملعب» اعتزال التحكيم، وأسهب في شرح معاناة الحكام في ظل سلبية اللجنة وجفاف تعاملها، وتركها رجالها يغرقون في وسط يموج بالاتهامات والشتائم!!

الحكام السعوديون (بالتأكيد) لن ينقرضوا مثل الديناصورات، لكن تسرب الكفاءات أو لجوءها للبوح بهذا الأسلوب يعكس بوضوح سوء الإدارة ويصور الهوة السحيقة التي تفصل بين الهرم والقاعدة، وحسب توقعاتي فإن أصحاب القرار سيعملون على ثني فهد المرداسي عن قراره وإن تداعيات ظهوره وحديثة ستكون مؤثرة، لكن يجب أن لا تتوقف الجهود عند هذا الحد بل لا بد من وضع نهاية للتجاوزات التي يواجهها الحكام، إضافة للعمل على تطوير أدائهم ببرامج إعداد مدروسة ومتابعة لائقة ومعالجة مستمرة لجوانب القصور.

القحطاني فتح نافذة ووضع النقاط على الحروف، لكن أمواج القضايا الوقتية مسحت النقاط والحروف. وها هو المرداسي يعيد على أسماعنا الصوت ذاته، والذي أتمنى أن لا يضيع وسط ضجيجنا الفارغ الذي يتردد صداه عبر الصفحات والفضائيات بشكل يومي مخجل.

من أضاع الحزم

تهبط أندية صغيرة.. وتتأثر أخرى بابتعاد شخصية أو أكثر، غير أن حالة نادي الحزم كانت مختلفة جدا، فسطوعه كان مصنوعا، ثم جاء هبوطه للدرجة الأولى بشكل مغاير، فهو أقرب ما يكون للسقوط الصاعق المدمر.. فمن أخذه النادي لهذا العلو ثم تخلا عنه دون أن يزوده - على الأقل - ببراشوت يجعل هبوطه آمنا بلا كسور أو مضاعفات؟!!

من نزع عنه أنبوب الأكسجين دون أن يغذي جسمه أو يعالج علله؟

كل ما يحصل في الحزم حاليا كان متوقعا عند جميع المتابعين، لأنه كان مجرد بناء على الرمال وإن شئت قل: كان كتابة على الماء!!