لنسرح الحكام السعوديين

موفق النويصر

TT

تقدمت إدارة نادي النصر خلال اليومين الماضيين بـ«سي دي» مصور للأمير نواف بن فيصل، الرئيس العام لرعاية الشباب، يتضمن معظم الأخطاء التي وقعت من الحكام السعوديين ضد فريقها الكروي، خلال الموسم الحالي، حيث تسبب بعضها في سلب الفريق نقاطا مهمة كانت ستخدمه كثيرا في سباقه المشروع على بطولة الدوري هذا الموسم.

رغم يقيني بأحقية تسجيل النصراويين لهذا الموقف، فإنني شخصيا لا أعتقد أن الإدارة النصراوية ستطالب بإلغاء نتائج جميع المباريات التي تعرض فيها الفريق لـ«ظلم» أو لنقل «أخطاء» تحكيمية، كاعتقادي أن الرئيس العام لرعاية الشباب لن يفرغ نفسه من أعباء 153 ناديا سعوديا، ليشاهد هذه الأخطاء، ومن ثم يتجاوز جميع اللجان العاملة في اتحاد الكرة، ويصدر قرارا منفردا ينصف فيه الفريق النصراوي وحده دون غيره.

السؤال هنا، هل أخطأ سعد الكثيري في مباراة النصر الأخيرة أمام الأهلي؟ الجواب بالتأكيد نعم. ولكن هل الأخطاء ضد النصر هي الوحيدة التي نشاهدها في ملاعبنا الرياضية؟ الجواب بكل تأكيد لا.

ولو قدر لكل ناد توثيق الأخطاء التي وقعت من الحكام بحقه، ومن ثم إرسالها عبر «سي دي» مصور للرئيس العام، سيصبح لدينا مكتبة تلفزيونية كبيرة تضم أكثر من 153 «سي دي» توثق لأخطاء الحكم السعودي، على اعتبار أن الجميع سجلت بحقه الكثير من هذه الأخطاء.

يبقى السؤال الأهم، هل الحكم السعودي هو من يخطئ وحده، أم أن أخطاءه لا تختلف كثيرا عن أخطاء باقي حكام العالم.

واقع الحال يقول إن أقوى بطولات العالم لم تخل من الأخطاء التحكيمية، شاهدنا ذلك في نهائيات كأس العالم، ونشاهدها حاليا في الدوريات الأوروبية. ولعل العقوبة الأخيرة بحق السير أليكس فيرغسون مدرب مانشستر يونايتد المتضمنة إيقافه 5 مباريات، وتغريمه ما يعادل 184 ألف ريال، بعد انتقاده مارتن أتكينسون حكم مباراة فريقه أمام تشيلسي، وكذلك تغريم ديفيد مويز مدرب فريق إيفرتون ما يعادل 49 ألف ريال، لانتقاده حكم مباراة فريقه أمام مان يونايتد، خير دليل على أن أخطاء الحكام ليست «ماركة سعودية» فقط.

الفرق بين ما يحدث في البطولات الأوروبية وما هو حاصل في بطولاتنا المحلية، أنهم يؤمنون بأن أخطاء التحكيم هي جزء لا يتجزأ من اللعبة، وبالتالي يتعاملون معها بأريحية كبيرة وتقبل، رغم بعض الحالات الاستثنائية من الامتعاض منها، كحالة فيرغسون ومويز، في حين أننا ننظر لها بأنها «متعمدة» وتستهدف إسقاطنا لاعتبارات خاصة.

الأمر الآخر، أن الاتحادات الأوروبية قبل تطبيقها لعقوبة الإيقاف أو الترحيل للدوريات الأدنى للحكام المخطئين، قامت في البداية بحمايتهم من اللاعبين والإداريين والمدربين والإعلام، من خلال تغليظ العقوبة ضد من ينتقد أداءهم أو أحكامهم، إضافة إلى إنصافهم ماليا، حيث يتقاضى الحكم الإنجليزي 7500 ريال، والإسباني 38 ألف ريال، والإيطالي 19 ألف ريال، عن كل مباراة يديرها، إضافة للامتيازات الأخرى التي تكفل له أداء مهمته على أكمل وجه.

لذلك نجدهم قد تجاوزوا مرحلة «الضجيج» التي تصاحب الأخطاء التحكيمية، إلى مراحل أخرى أكثر رحابة لتطوير أدائهم، وصولا إلى «حكم بأقل أخطاء»، كما هو شعار الفيفا.

بينما الحال لدينا خلاف ذلك، فلا مكافآت مجزية، ولا صرف منتظما لها، ولا حماية فعلية للحكم من التشكيك والتحقير والاتهام، ناهيك عن إبعادهم عن المباريات المهمة لصالح الحكم الأجنبي، حتى فقدنا الثقة بهم، وفقدوا الثقة في أنفسهم لإدارة هذه المباريات، وإذا ما أخطأوا فإن العقوبات في انتظارهم بالمرصاد.

وعليه، اعتقد أنه إذا لم تضبط الحلقة التحكيمية بالكامل، فإن التحكيم السعودي سيراوح مكانه، ولن تفلح جميع محاولات «الترقيع» التي تقوم بها لجنته الحالية، وستظل الأخطاء على ما هي عليه، وبالتالي يكون من الأجدى حل لجنة الحكام والتسريح أو الاستغناء عن جميع الحكام، والاستعانة بالحكم الأجنبي لإدارة مبارياتنا، ما دام أن أخطاءه تمر على قلوبنا بردا وسلاما.

[email protected]