عبثية أخرى!

عبد الرزاق أبو داود

TT

لنلحظ ما يدور في الوسط الرياضي عبر أحداثه و«مناكفاته» ووسائله الإعلامية، ونتدرج لنلم بتنظيم مسابقاته ومشهده الجماهيري.. بأي انطباعات سنخرج؟ ستبرز أمامنا الكثير من اللقطات والممارسات المثيرة، والانطباعات المدهشة. مشهد يصل إلى شفير «فقدان الأهلية» وأسس التعامل والاختلاف. ما الذي يدور في هذه البيئة؟ التي تشدك أحداثها.. وتبعدك بعض ممارساتها وشخوصها التي أصبحت موضة يتداولها كثيرون.. ممارسات.. حكايات.. تصريحات لا تجد انتباها.. ولا يرد لها صدى إلا لدى المتعصبين.

كل يوم مشكلة.. خسارة هنا واحتجاج هناك.. بيانات توضيحية.. وأخرى تعقيبية.. خسارة تصور وكأنها نهاية التاريخ واندثار الحضارات! طرد مدربين.. إنفاق الملايين هباء يطير معظمها ليحط في مصارف أجنبية بحسابات مدربين مستقدمين حيث ندعي معرفتنا بأصول اللعبة أكثر منهم! ناهيك عن الاستقالات والإقالات وطرد اللاعبين! وتناثر البطاقات الملونة.. وأخطاء الحكام وما يتلقونه من هجمات! زد على ذلك مبالغات المدح والذم التي تفضي إلى بث الضغينة والبغضاء اللتين تقودان «حتما» إلى نشر روح الكراهية والتعصب.

تأمل فعاليات الوسط الرياضي.. وتمعن فيما تحتويه بين «أجنحتها» من إشكاليات انعدام الثبات على روزمانة محددة.. وستجد مبررات بعضها مقنع وجلها «سراب» عن واقعنا وخصوصيتنا.. تأمل كيف تقبل الأندية بهذا.. ومنها أعضاء كثر بلجان بالأندية وغيرها.. فقد جلهم صلته بناديه وواقعه بعد وصولهم إلى الكراسي! تأمل مجمل هذا على مستويات المسابقات والألعاب وتطورها وعلى الفرق الرياضية بعامة.. هؤلاء الذين تتأرجح مستويات أدائهم وفعاليتهم وترتفع مطالباتهم باستمرار! جراء التطلعات الشخصية والفئوية.. بعضهم ضاق بحمله.. كنتيجة طبيعية للمشاركات والتبعات المحلية والخارجية.. وهو ما يوجب النظر فيها.. وأن توزع المسؤوليات والأحمال على عناصر وشخوص آخرين في المشهد الرياضي.. لنتأمل نتائج فرقنا الرياضية وأحوالها.. وسنرى أن «المادة» طغت على كل شيء.. واقتصر الأمر على بضع أندية استحوذت على الأخضر واليابس على حساب العدد الأكبر من الأندية.. والتي ستجبر بدورها على بيع عقود لاعبيها الجيدين.. مما يجعل المنافسات منحصرة بين «الكبار».. وما أدراك ما هو حال الكبار!

تأمل حال الألعاب الرياضية الأخرى في الأندية.. فقد أصابها الإهمال نتيجة التركيز على كرة القدم التي أصبحت تدر مالا وجاها! وبالتالي يتركز الصرف على كرة القدم ولاعبيها ومدربيها.. وهو ما انعكس سلبيا على الألعاب الأخرى.. فأصابها الخمول.. جراء الملايين التي تحصدها كرة القدم.. تأمل معي - يا رعاك الله - كيف تحول الإعلام الرياضي بمعظم أشكاله وأدواته إلى التركيز على كرة القدم وكرة القدم ثم كرة القدم.. كتابة وحديثا.. لقاءات وفضائيات.. تصريحات وبيانات ومانشتات.. أضف ما لديك إلى القائمة الطويلة.. في حين أن الألعاب الأخرى ومنافساتها لا تحظى إلا بالنذر اليسير من التغطية الإعلامية أو الحضور الجماهيري أو الصرف المادي.

تأمل كل ما تقدم! فقد تتكشف أمامك صور غير مطمئنة عما يشهده ويمارسه مشهدنا الرياضي من تطورات.. ويفرزه من وإرهاصات.. مشهد أضحى موئلا لمن شاء أو بحث عن شهرة.. تأمل ذلك كله بعد أن أصبحت المادة سيد الموقف.

كلمة وفاء: رحم الله أخانا الحبيب.. الجداوي المعتق.. ابن حارة البحر.. الأستاذ: محمد صادق دياب.. وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.