ما بين التخمة والجوع؟

مصطفى الآغا

TT

أعترف أنني احترت هذه المرة حول الموضوع الذي أريد الكتابة عنه لأن الساحة الرياضية تعج بالمواضيع التي تستحق الكتابة عنها وأولها كلاسيكو الكرة الأرضية الذي جمع بين ريال مدريد وبرشلونة، إذ لم أجد مباراة أخرى وصلت إلى مستوى هذه المباراة من الاهتمام الجماهيري الذي فاق (برأيي المتواضع) اهتمام البشرية بنهائي كأس العالم أو زلزال فوكوشيما أو حتى ما يحدث بين ظهرانينا من مشاكل واحتجاجات في الشوارع العربية....

وحتى أكون أمينا أكثر فعبارة كلاسيكو الكرة الأرضية أرسلها لي أحد المشاهدين عبر برنامج «صدى الملاعب» رغم أن المرسل ليس إسبانيا ولا أي جد من جدوده له علاقة ببلاد الأندلس ولكن تخمة الألقاب وتخمة النجوم العالميين في الفريقين، وعلى رأسهم ميسي ورونالدو وأيضا مورينهو وغوارديولا، جعلت من هذه المباراة حدثا عالميا من حظنا أنه سيتكرر أربع مرات خلال شهر واحد... ولكن شوط الكلاسيكو الأول لم يرق لمستوى طموح الملايين من المشاهدين على العكس من شوطه الثاني الذي وفى بوعود الكلاسيكو، وعلى العكس من ديربي مدينة مانشستر الذي جرى قبل الكلاسيكو بساعتين وجمع مانشستر يونايتد الذي زرته مرتين واجتمعت بلاعبيه ومدربه الأسطوري السير أليكس فيرغسون وعرفت كيف تصنع البطولات عبر صناعة النجوم وعبر نظام دقيق (ما يخرش المية) وغريمه اللدود مانشستر سيتي الذي بتنا ننظر إليه على أنه ناد عربي المالك وبالتالي شجعته ليس كرها فقط بـ«المان يو» فقط ولكن محبة بالشيخ منصور بن زايد الذي يريد أن يجعل من هذا النادي الذي لم يصل لنهائي بطولة منذ 35 سنة قوة عظمى في أوروبا وأعتقد أنه سيكون من الكبار قريبا جدا في حال تمكن من المشاركة في دوري أبطال أوروبا الموسم القادم....

أما نهائي كأس ولي العهد السعودي فقد وصفه بعض الزملاء الصحافيين السعوديين بمباراة ناديين واحد عنده تخمة من البطولات وأقصد الهلال والثاني عنده جوع حقيقي لها وهو الوحدة. وتعجبت حقيقة من إفراط الوحداويين في التفاؤل المرفق بتصريحات نارية أن الكأس ستبقى في مكة المكرمة ولن تغادرها مطلقا وأن دافع الجوع للبطولة سيهزم التخمة، ناسين أن الأسلحة الثقيلة التي يتسلح بها الهلال قادرة على صناعة الفارق في أي مكان وزمان، وتعجبت أكثر من خلط الأمور الدينية بالكرة وهو ما أثر سلبا برأيي المتواضع على أداء الوحدة الذي خسر بالخمسة على أرضه، فيما كانت التصريحات الهلالية جد متحفظة وتعطي الفريقين مشروعية التتويج لأن مباريات الكؤوس لا تعترف لا بالتاريخ ولا بالجغرافية ولا بالمنطق ولكن المنطق ساد في النهائي وبطريقة قاسية جعلت إحباط جماهير الوحدة مضاعفا. وكلمة حق بحق هذه الجماهير أنها تصرفت بطريقة حضارية جدا وباركت للفائز وصفق البعض الكثير منها للخاسر رغم بعض التصريحات الانفعالية بحق اللاعبين والمدرب المصري مختار مختار الذي يجب ألا تنسى هذه الجماهير أنه هو من أوصل الوحدة لأول نهائي منذ عقود من الزمن.

مبروك للهلال ومبروك للوحدة ومبروك للأمير عبد الرحمن بن مساعد ومبروك لجمال التونسي ومبروك للكرة السعودية هذا الألق الذي يبدو أنه لن يتوقف مهما عصفت بها سحب الصيف العابرة.