مساحة المدير الجديد

منيف الحربي

TT

الذين يقرأون خبر تعيين الزميل محمد المسحل رئيسا لإدارة شؤون المنتخبات على أنه ابتعاد عن صراع الأقطاب وتجاذبات القوى الرئيسية يقعون في فخ قراءة ناقصة ومتعجلة، فالمسحل الذي يعد أول شخص يتسلم المنصب بعد الأمير تركي بن خالد (مع اختلاف التجربتين) شاب مؤهل يستحق الثقة التي منحت له، وهو قادر بإذن الله على أن يكتب عنوانا كبيرا لمرحلة جديدة.

لا شك أن المهمة صعبة وحساسة، فالمعطيات تغيرت، والمحيط صار أكثر صخبا وامتعاضا في ظل تراكم مشكلات القدم السعودية، وابتعادها الطويل عن المنافسة، لكن الجميل هو أن محمد ابن هذا الوسط الساخن يعرف زبده الذي يذهب جفاء ويميز ما يبقى وينفع الناس!

الأهم هو المساحة التي يستطيع المدير الجديد أن يتحرك فيها، والأمل هو أن يقف الجميع إعلاما وأندية (وقبلهم مسؤولين) مع الرجل الذي اختاره الرئيس العام لتولي حقيبة الأخضر في واحدة من أخطر المراحل وأكثرها حساسية.

في الملعب وخارجه

داخل الملعب كانت الكرة السهلة تنقطع من مهاجمي النصر ببساطة وهم على مشارف مرمى حسن العتيبي لتنتقل بسرعة إلى الجهة الأخرى من الملعب، وعلى الرغم من صعوبتها، ينتج عنها هدف هلالي سلس جاء دون تعقيد أو فلسفة.

خارج الملعب كان كالديرون يستبدل الشلهوب بياسر القحطاني، بينما دراغان يشرك الدوخي بدلا من ماكين، وإذا كانت الصفة المشتركة بين الأولين موهبتهما وخطورتهما، فإن الصفة المشتركة بين الأخيرين هي أن ضررهما أكثر من نفعهما إن وجدا!

وبين ما حصل داخل الملعب وخارجه سيطر النصر على معظم دقائق مباراته مع الهلال، غير أن لاعبي الأزرق بدوا وكأنهم واثقون من الفوز كل لحظة، فالهدوء والدقة كانا ميزتيهم على الرغم من ثقل الأداء، بينما كان الارتباك والخطأ سمة معظم الكرات الصفراء، فشاهدنا عباس وغالب والزيلعي يبذلون جهدا رائعا ينتهي بتمرير الكرة للشلهوب أو عزوز أو رادوي لترتد هجمات مزعجة.

كان بإمكان العالمي الفوز ببساطة لو أنه يمتلك شخصية الفريق البطل، فالهلال استسلم طوال الشوط الأول لتدفق الهجمات النصراوية التي تكسرت على شاطئ الارتباك الهجومي، ولا أقول على أقدام الدفاع الأزرق.

نعم، النصر يحتاج لأجانب مؤثرين، ورتق مركز أو مركزين، لكنه يحتاج أولا لمدرب مبدع يعرف كيف ينظم أداء المواهب الموجودة قبل أن يستهلكها الركض وتحبطها النتائج السلبية، ويعرف كيف يصنع هيبة تحقق النتائج وتقود للمنصات.. الهيبة التي كانت علامة فارقة في مواجهة الأحد الماضي فرجحت كفة من تعب على صناعتها وتكريسها!