لنتخلص من أشباه الأندية!

موفق النويصر

TT

يحتفل نادي هجر السعودي في هذه الأيام بصعوده إلى دوري «زين»، بينما يتنافس ناديا الأنصار والرياض على انتزاع البطاقة الثانية المؤهلة لدوري الأضواء.

وعلى الرغم من سعادة الكثير من المنتمين للوسط الرياضي بهذا الصعود، وحديثهم عن تعدد «الديربيات» في العام المقبل، بحيث لن يقتصر على ديربي العاصمة أو الغربية أو الشرقية، إذ أصبح هناك ديربي للقصيم وآخر للأحساء، وقد نرى مستقبلا ديربي للمدينة المنورة وآخر للجنوب، فإنني أرى الصورة من زاوية أخرى مخالفة لذلك في حال بقيت الأمور على حالها، حيث سيظل الكبار كبارا والصغار صغارا، مع عدم إغفال حدوث بعض «المعجزات» الكروية بين الحين والآخر، كما حصل هذا الموسم عندما وصل فريق الوحدة إلى نهائي كأس ولي العهد، قبل أن تمنى شباكه بخمسة أهداف هلالية نظيفة.

والمتتبع لمسار ضيوف دوري «زين» الجدد، القادمين سنويا من الدرجة الأولى، يستطيع أن يلحظ أن مدة بقائهم بشكل «محترم» في هذا الدوري لا تستمر لأكثر من موسمين، سرعان ما يعودون بعدها إلى دوري «الظلمات»، أو أنهم يصارعون سنويا على أمل البقاء في دوري الكبار.. شاهدنا ذلك مع الحزم والتعاون والرائد والقادسية ونجران والفتح، وأعتقد أن مصير هجر لن يختلف كثيرا عنهم بعد موسم أو اثنين على أبعد تقدير.

وأنا هنا لست بصدد التقليل من شأن هذه الأندية أو الانتقاص من جهود رجالاتها، ولكنه عالم الاحتراف، الذي لم ولن يسمح ببقاء غير الأقوياء، وأعني هنا الأقوياء بالإمكانات المالية والإدارية والفنية العالية، مما يجعل هذه الأندية تتأرجح بين كونها مفرخة للاعبين الجيدين لصالح الأندية ذات الإمكانات المالية الكبيرة، أو صراعها السنوي بين محاولة الصعود لدوري الكبار أو للبقاء به في حال نجحت في الوصول إليه.

وأعتقد جازما أنه لولا ضخ بعض الأندية الجماهيرية الكبيرة لملايين الريالات لاستقطاب مدربين ولاعبين محليين ومحترفين أجانب، لشاهدنا بعضهم في دوري الدرجة الأولى، رغم تاريخهم الطويل وإنجازاتهم الكروية الكبيرة.

لذلك أرى أن العمل الاحترافي الصحيح يتطلب من الرئاسة العامة لرعاية الشباب التدخل السريع والمباشر، من خلال وضع معايير واشتراطات محددة يجب توافرها في أندية الدرجة الممتازة، كتوفير حد أدنى من المداخيل المالية لبقاء النادي في هذه الفئة، على أن يكون الخيار الآخر هو الاندماج مع الأندية الصغيرة الأخرى ذات المداخيل المحدودة في نفس المنطقة، وصولا إلى الحدود الدنيا المقبولة في هذا الدوري.

الأكيد أن هذه الخطوة تتطلب تقديم المصلحة العامة على الخاصة، مصلحة المنطقة على الفرد، وتحديدا أولئك الراغبين في تحقيق منافع شخصية أو وجاهة اجتماعية من خلال الرياضة، وذلك عبر توحيد الجهود وتضافرها وصولا إلى التكامل المنشود.

ومنعا للحساسيات الموجودة أصلا بين أندية المنطقة الواحدة، حبذا لو كان الكيان الجديد باسم وهيئة جديدين، ليستشعر الجميع أن هذا الكيان يمثلهم جميعا.

ولا يخالجني شك في أن تتضافر جهود كل منطقة للنهوض برياضتها عبر ناد واحد قوي ومتماسك، أفضل ألف مرة من بعثرتها على أشباه أندية بلا مقرات أو ملاعب أو جماهير، والأهم من ذلك كله، بلا داعم مالي يستطيع توفير متطلباتها الأساسية. كما أنه سيساعد رعاية الشباب على تركيز جهودها على الكيانات الجدية بدلا من تشتتها على 153 ناديا، لا يستحق أكثر من نصفها أن يطلق عليه اسم «نادي رياضي».