كلمة السر الهلالية

مصطفى الآغا

TT

في حواراتنا المستمرة مع إدارة ومسؤولي نادي الهلال السعودي، كنا نركز على سؤال محوري «عن كلمة السر الهلالية» وما الأسباب التي تجعل هذا النادي يسيطر محليا، على الأقل، على معظم البطولات ويكون قاسما مشتركا في معظمها مهما اختلفت أسماء من يقودونه أو يدربونه أو يلعبون في صفوفه؟

ويبدو من تقاطع الإجابات أن الولاء المطلق للكيان الهلالي وعدم التجريح به من أي من المنتمين له وحرصهم على أن تكون الخلافات بين جدران مغلقة والتركيز على مباريات الفريق حصرا، بعيدا عن الدخول في صراعات مع الأندية الأخرى «قدر الإمكان» والاختيار الدقيق للمحترفين عربا وأجانب، والأهم من هذا كله احترام المنافسين كلهم، وهو ما لاحظناه بشكل جلي قبل كل مباراة لعبها الهلال منذ بداية الموسم وحتى نهايته، وحتى عندما قال كل المحللين والمراقبين وحتى عندما سلم كل المنافسين بأن الهلال سيكون حامل اللقب للمرة الثانية على التوالي، رفضت إدارة الهلال هذه التصريحات وأصرت على أنها لن تقول: «فول حتى يكون بالمكيول»، أي أنهم لن يتقبلوا التهاني حتى تنتهي مباراة الرائد، على الرغم من أن الفريق كان متقدما بتسع نقاط عن أقرب منافسيه مع بقاء ثلاث مباريات فقط على ختام الدوري، أي أن على الاتحاد أن يفوز في مبارياته كلها، شرط أن يخسر الهلال مبارياته كلها أمام الرائد والقادسية ونجران (على أرضه) كي يتوَّج بدلا من الهلال، ومع شبه استحالة تحقق ذلك فإن الهلاليين رفضوا أن يخضعوا حتى للمنطق، وقالوا: إن كل شيء وارد، وقال لنا رئيس النادي، الأمير عبد الرحمن بن مساعد، إنه سبق لهذه الأندية أن قارعت فريقه، لا بل حتى فازت عليه فلماذا لا يتكرر الأمر؟

البعض وصف هذه التصريحات بالتواضع المبالغ فيه، لكن الهلاليين يقولون إنها واقعية تفرضها ظروف كرة القدم التي لا تعترف أساسا بالمنطق.

وما لاحظناه مؤخرا كان تشددا في التحفظ محليا والتغيير في لهجة الخطاب تجاه البطولة الآسيوية التي عاكست الهلال آخر موسمين بطريقة غريبة جدا وكادت تجعل رئيس النادي يترك كرسي الرئاسة لولا تأملات اللحظة الأخيرة ووساطات بعض الوجوه النافذة التي جهدت لإقناعه بالبقاء حتى نهاية فترته.

كلمة السر الهلالية تصلح أن تكون درسا لبعض الأندية السعودية والعربية (مع خالص احترامنا لها) وأول هذه الدروس أن المال وحده لا يصنع البطولات ولا المدرب الجيد ولا الإدارة المتماسكة المتجانسة ولا اللاعبين الذين لا تفضيل بين واحد على آخر، بل هذه العوامل كلها مجتمعة تجعل الانتصارات أمرا منطقيا والخسارات هي الاستثناءات.