صياغة مشروعة!

عبد الرزاق أبو داود

TT

اتصل «غاضبا» وأنصت إليه.. لم نكن متفقين في بعض ما قاله عن الأهلي.. قلت له: لقد رأيت.. وسمعت.. وأخذت على محمل الجد الاحتمالات والطروحات، ولكني أستند إلى صفحات أهلاوية فيها حب ومرارة.. صادفت آلاف الوجوه المحبة.. وبعضها المتسم بالجحود، ثم ماذا؟ ما يحدث في الأهلي شيء مكرر.. ويحدث في أنديتنا كلها.. لكننا عاطفيون.. هناك من لا يزال يظن أن الأمور تستوجب أن تجري في الأهلي على طريقته! وهناك من لا يريد أن يسمع غير صدى صوته.. وهناك من يهاجم.. ومن يدافع.. ومن يناور.. ومن يتعجب.. هناك الكثيرون! قضية الأهلي ليست بالجديدة.. وأساسها مرتبط بتركيبته الخاصة التي ستظل تمسك به لفترة من الزمن.. وبقدرته على العمل في حدود المعقول حتى لا نقول المقبول! جماهير الأهلي كانت ولا تزال جزءا مهما من حل مشكلات الأهلي.. وبقدر ما سأكون صريحا وصادقا معها.. سأكون واضحا وملتزما وربما قاسيا أحيانا.. كما تعودت طوال السنين الممتدة التي قضيتها في النادي الأخضر العملاق.. لجماهير الأهلي الواعية نقول: إن هناك فرقا هائلا بين الحقيقة والخيال.. وتباينا جليا بين الممكن والمستحيل.. الأهلي ناد عملاق.. والمفترض والمنطقي أن يظل الجميع ضمن ساحة الأهلي الرحبة التي ينبغي أن تتسع لهم جميعا.

تحولت الأمور في النادي وحوله إلى ما يشبه عواصف الإلغاء والاصطفاف.. وتحول كثيرون إلى مدربين وخبراء.. وهو أمر لن تكون له نتائج سلبية فحسب.. وإنما سيتسبب في إحداث جروح يصعب التئامها.. هناك من يحاول فرض رؤية يظن أنها صالحة لمعالجة سقم الأهلي.. وهي وسائل لن تجلب غير مزيد من الفرقة والانشقاقات والابتعاد بين الأهلاويين، نتيجة هذه العواطف المتعصبة المنفلتة من عقلانية التفكير ومنطقية وترابط الحركة والأحداث وسطحية بعض الرؤى.

هناك من يطالب الآن بعودة مدرب سابق.. وهناك من يعارض.. ليعد إذا كان ذلك في مصلحة الأهلي وعليه أن يتحمل المسؤولية - إن قدم الضمانات الكافية لذلك ولا نظنه فاعلا - بعيدا عن الصخب الإعلامي.. وأن يركز على عمله.. وإن كانت هذه العودة بالفعل مطلبا جماهيريا كما يبدو ويتصور البعض، ولا نظنها جادة.. وعلى الجماهير المطالبة بالعودة بالمقابل أن تتحمل التبعات المترتبة على ذلك.. وتتقبل نتائجها التي نأمل أن تكون في مصلحة الأهلي قبل كل شيء.. وليس لأحد بين الأهلاويين مشكلة مع مثل هذه الطروحات، غير أنها تستدعي تبعات مالية مرتفعة جدا.. فهل هناك من هو مستعد لتحملها والمدرب معا؟! نجاح أي مدرب من عدمه ليس بالمسالة السهلة؛ لأن نجاح أي فريق كروي يرتبط بتعاون ودعم لا يمكن أن يقدماه شخص بمفرده مهما كانت إمكاناته أو مهاراته.. هذه هي الحقيقة التي لا يرغب البعض في تصديقها أو الاعتراف بها.. هكذا رددت على من هاتفني في نهاية مكالمة حائرة بين الصداقة والحقيقة المرة.. فالأهلي برجاله حقق إنجازاته كلها عبر تاريخه.. ولكي يحقق مثل هذه الآمال الكبيرة والمشروعة فإن عليه أن يعيد صياغة مشروعه «الإنجازي الكروي» على أسس جديدة وعصرية وسليمة بعيدا عن أي اعتبارات أخرى.. حالمة!!