بين العفالق ورفه

مسلي آل معمر

TT

كتبت في مقال سابق عن أندية الملاليم التي تفوقت على أندية الرعايات والاستثمار وقلت إن السبب يكمن في الكفاءات الإدارية، وإلا فما الذي صنع من الفيصلي والاتفاق والفتح فرقا تتفوق على الأهلي وتنافس النصر على الرغم من فارق دخل الاستثمار السنوي الذي لا يوازي 20% من دخل هذين الناديين الكبيرين. إنها الإدارة والإدارة فقط هي التي قلصت هذا الفارق، ثم يأتي بعد ذلك الضغط الجماهيري، حيث إن إدارات الأندية الجماهيرية تقع تحت الضغوط وقد تضطر أحيانا إلى الإنحاء أمام العاصفة وتعالج الأخطاء، لكن بأخطاء أكبر منها.

وفي ذات المقال، كتبت عن فهد المدلج وعبد العزيز العفالق وأشدت بعملهما على الرغم من عدم معرفتي الشخصية بهذين الرجلين، لكنني سعدت أكثر بمتابعتهما من خلال برنامج مساء الرياضية، وللحقيقة فقد شدني المهندس عبد العزيز العفالق بطريقة تفكيره ومدى وعيه، حيث قال العفالق في حديثه عن الجمعيات العمومية للأندية: يجب أن نأخذ بتجربة الشركات المساهمة بحيث يحصل العضو على عدد من الأصوات يتوازى مع ما يقدمه من دعم مادي للنادي، كما يجب أن يكون للشركات الراعية دور في اختيار إدارات الأندية لأنها تريد نجاح استثماراتها. وهذه الفكرة كنت معها منذ عدة سنوات بعد ارتفاع فواتير المصروفات للأندية وأهمية دخول رجال الأعمال، وفي هذه الحالة ليس هناك من سبيل لتحفيزهم للدخول إلى هذا المجال والصرف إلا بحصولهم على مزايا تتوازى مع ما يقدمونه، لأنه ليس من العدل أن يتساوى تأثير عضو شرف يدفع 10 ملايين مع محب لا يدفع إلا 300 ريال.

منير رفه، عضو مجلس إدارة نادي الاتحاد سابقا، شارك في البرنامج ذاته بمداخلة ثرية، وأشار إلى ضعف في التشريع والتطبيق والرقابة من قبل رعاية الشباب، كما أكد ضرورة تحديث لائحة الجمعيات العمومية للأندية، وقد عكست المداخلة سعة اطلاع رفه في هذا المجال وثراء تجربته العملية.

المؤلم والمحزن معا أن مثل هذه الآراء والنقاشات القيمة تذهب أدراج الرياح ولا تجد الآذان الصاغية، وإلا فكم من المشاكل حدثت بسبب الجمعيات العمومية وكم من الآراء طرحت في هذا الخصوص.. وما الذي تغير؟

مرة أخرى أقول: إذا أراد الأمير نواف بن فيصل بن فهد تطوير الرياضة السعودية وإعادة هيبتها القارية، فلا بد أن تكون البداية من إصلاح الأندية، وهذا يتطلب إعادة النظر في الجمعيات العمومية وتعديل التشريع مع دقة التطبيق وقوة الرقابة، بحيث تضمن رعاية الشباب أن تذهب صناعة القرار في الأندية للأشخاص الأكفاء، مع فرض الرقابة ثم الرقابة ثم الرقابة على عمل هذه الإدارات، وأعتقد أن هذا الأمر لن يتم إلا إذا اقتنع المسؤولون في رعاية الشباب بأن الأندية ليست مسؤولية أعضاء الشرف، بل لا تزال على ذمة الرئاسة العامة لرعاية الشباب!