الفكر السلبي!

أحمد صادق دياب

TT

جزء من إعلامنا الرياضي بكل إمكاناته وبكتابه الكبار والصغار، بكل طاقته الجديدة المتمكنة، وبكل تجدده في الطروحات، وبكل الأساليب الحديثة التي تمكن من الحصول عليها، لا تزال تغلب عليه النظرة العاطفية والعناوين المثيرة ومحاولات السبق الخاطفة، والقفز إلى النتائج على حساب العمق في التحليل والبحث عن المخططات المستقبلية، وترجمة الواقع ليكون «عتبة المستقبل».

بعض الإعلام الرياضي مع الأسف ينظر إلى الأمور دائما بنظرة المشكك في الأهداف، الباحث عن النواقص في القرارات، المعارض للتفسيرات.. فهو محامي التنقض في الدوائر القانونية، ويمكن أن يتحول إلى محامي دفاع في لحظات حسب اتجاه الرياح والأهواء. وعندها يمكن هدم اللوائح وأنظمة العقوبات والاتفاق مع ما تمخضت عنه تلك العبقرية فقط، وإلا فالجميع في قارب يسير باتجاه الهاوية، وهو يحاول منعه من السقوط..

إعلام من ذلك النوع يقوم على ردود الأفعال، والبحث عن تنشيط الفكر السلبي تجاه ما هو واضح، والبحث عن أهداف غير مرئية وغير مقصودة..

بالتأكيد ليس مطلوبا من الإعلام الرياضي أن يكون رأسه كالزنبرك موافقا في كل الأحوال، ولكن وعلى نفس السياق يجب ألا يكون رأسه جامدا كسارية قديمة لا تحمل أي علم، المطلوب أن يكون الهدف الأساسي هو الاستيعاب والدراسة وإبداء الرأي والبحث عن رؤية محددة للقضايا، ولا يعتبر في المعارضة كهدف في حد ذاتها، لأن عندها سيكون أي نقاش أو بحث أو تفكير مجرد جدل لا يصل إلا إلى نهاية واحدة وهي الجمود الفكري الذي يعني إغلاق باب العقل في النقاش، واستمرارنا في دوامة لا يمكن أن نخرج منها.

يمكننا أن ننظر بهدوء إلى ردود الأفعال تجاه القرارات الصادرة أو البيانات المتعددة وسنجد أن أغلبها يقوم على مبدأ الاعتراض وعدم صلاحية القرار أو سوء البيان وتوقيته، دون أن يتم وضع بدائل وحلول يمكن أن تؤدي إلى تعديل ذلك القرار أو البيان أو أخذ ما يطرح بعين الاعتبار في الحالات التالية.. فالقرارات عندما تتخذ من قبل الاتحاد أو اللجان تأتي بناء على مصلحة عامة تقتضيها الظروف وتجد الجهة أن عليها وضع حد لها، بغض النظر عن مسببها أو المتضرر منها، ولكن أيا ممن يقومون بالتحليل لا يحاول أن يتفهم البعد المستقبلي للقرار، فهم يضعون أمام أعينهم مبدأ المعارضة للظهور بمظهر البطل المعارض، رغم أن الهدف النبيل وراء ذلك القرار أكبر بكثير من أي دور لبطولة فردية..

إنها مجرد دعوة لتغليب العقل على العاطفة، لنصرة المنطق على الجدل، لوضع تعريف لإعلام رياضي يقوم على البحث عن الحقيقة قبل الإثارة، لرفع راية الوسطية في الطرح بدلا من الهجوم الكاسح، لأن نقبل الرأي الآخر ونتناقش حوله ونتقبل فكرة أننا يمكن أن نخطئ وعندها نقول «نعتذر».