الحالة الهلالية

مصطفى الآغا

TT

لاشك ولا جدال في أن الموسم المحلي السعودي اصطبغ باللون الأزرق بالكامل، ليس لأن الهلال هيمن على بطولتي الدوري وكأس ولي العهد، وليس لأنه لم يخسر أي مباراة في الدوري، وليس لأنه كان صاحب أقوى هجوم بـ52 هدفا (سجل منها ياسر القحطاني 11 هدفا)، وأقوى دفاع بـ18 هدفا هزت شباكه في 26 مباراة، وليس لأن جمهوره كان الأبرز خلال الموسم، فلم يترك مباراة إلا وحضرها وبكثافة في أي منطقة أقيمت فيها المباراة، ومهما كانت هوية المنافس.. فالهلال سبق ونال الدوري الموسم الماضي، وسجل أيضا 56 هدفا، واهتزت شباكه 18 مرة، ومن 22 مباراة، وليس من 26.. وأيضا نال كأس ولي العهد، ووصل لنصف نهائي دوري أبطال آسيا.

القضية أن الهلال غيّر بعضا من جلده خلال البطولة من مدربين ولاعبين ولم يتغير شيء عليه، فلا اعتزال الدعيع ولا ذهاب نيفيز ولا هبوط مستوى ياسر القحطاني في بعض الفترات، ولا حركات خالد عزيز، ولا الإصابات، جعلته يترنح أو يتراجع للوراء كما حدث في بقية الفرق التي نشهد فيها مشكلات إدارية وفنية ومعارك (خفية) بين من يقولون إنهم من محبي هذه الأندية.

الهلال، باختصار، منظومة عمل متكاملة يستحق أن نقف عندها، حتى لو لم نكن من مشجعيه.. فليس عيبا ولا حراما أن يستفيد الآخرون من تجربة الهلال، ويبحثون عن الخلطة السحرية التي جعلت هذا الفريق في طابق وبقية الفرق في طابق آخر، فكل مباراة كانت بالنسبة للإدارة واللاعبين بمثابة نهائي الكأس، والتلاحم بين أعضاء الجسد الهلالي «يُحسدون عليه»، وشاهدنا كيف سار رئيس النادي، الأمير عبد الرحمن بن مساعد، ونائبه، ونائب رئيس هيئة أعضاء الشرف، الأمير بندر بن محمد، ومدير عام الكرة، سامي الجابر، ساروا جميعا يدا بيد اللاعبين والمدرب، والكل ينسب الفضل بعد الله للآخرين، ولم أجد شخصا واحدا ينسب الفضل لنفسه أو يتغنى بالإنجازات بطريقة «إنني أنا من صنعها أو أسهم فيها».

أهم ما في الحالة الهلالية أن هذا النادي لا يرتبط بشخص أو بعدة أشخاص؛ إن أحبوه دفعوا، وإن كانت لديهم ظروف أو تحفظات تمنعوا وتدللوا ومنعوا الماء والهواء عنه.. وهنا بيت القصيد؛ فلا يوجد لاعب أكبر من الكيان، ولا يوجد حتى رئيس ناد ترتبط كل الأمور بأيديه، بل توجد منظومة عمل متكاملة كل فرد فيها يعرف ما له وما عليه، ولهذا فطريقة تحقيق الإنجازات هي المميزة، وليست الإنجازات نفسها، لأنه سبق لأندية غير الهلال أن فعلت مثله وأكثر، ولكن حجم الضجيج والمشكلات والخلافات كان بكل المقاييس أكبر بكثير مما لدى الموج الأزرق.

مبروك للهلاليين، وتبقى عقدة الآسيوية وإن لم تنفك فهي تبقى في النهاية بطولة من عدة بطولات خاضها هذا النادي، الذي يقترب من كلمة «النموذجي».