السر في تفوق برشلونة!

أريغو ساكي

TT

نجح برشلونة غوارديولا السحري في الظفر بكأس الشامبيونز ليغ، مطيحا بمانشستر يونايتد العريق دون عناء يذكر. فالمباراة الحقيقية بين الفريقين لم تستمر أكثر من 10 دقائق، حاول خلالها أبناء فيرغسون إبهار منافسيهم، ولكنهم لم يصمدوا أمام تعويذة البارسا السحرية. وفي أعقاب المباراة، انحنى أليكس فيرغسون أمام تفوق ورقي الفريق الكتالوني، مؤكدا أن التغلب عليه بات ضربا من المستحيل ما دام هناك تشافي، وإنيستا، وميسي. ولم أكن أتوقع أن القيمة الفنية للشياطين الحمر ستبدو ضعيفة بهذا الشكل أمام البلاوغرانا، ولكن الفارق الحقيقي بين الفريقين كان يكمن في المفاهيم الكروية التي تكتسب معنى مختلفا تماما لدى كل منهما بدءا من الأفكار المبتكرة إلى طريقة اللعب الاستحواذية التي طبقها البارسا عن طريق مواهبه الكتالونية التي تعرف قيمة وفعالية هذه الطريقة جيدا. فقد كان فريق برشلونة يتحرك في الملعب وكأنه كتلة واحدة منظمة للغاية، حيث شارك 11 لاعبا في مرحلتي الهجوم والدفاع على حد سواء دون التقيد بمراكز بعينها. ولم يفكر أحدهم في توفير طاقته أو التنازل عن مبدأ اللعب الجماعي من حيث التعامل مع الضغط، الاستحواذ، التسلل، اختيار أوقات اللعب، تمرير الكرة وبث ذبذبات التفاهم إلى بقية الفريق. ولهذا، يمكنك أن تلاحظ بسهولة الكثافة العددية الكبيرة لبرشلونة، فتشعر وكأن هناك خيطا من التناغم والتفاعل بين اللاعبين في مختلف جبهات الملعب.

ولا شك أن صانع ومؤلف ومدير هذا الأوركسترا المميز هو المايسترو بيب غوارديولا الذي كتب النوتة الموسيقية ببراعة تامة ثم أخذ يفسرها لمجموعة من المواهب الرائعة على جميع المستويات الإنسانية، والفنية، والاحترافية. أما المدير الفني، الذي قفز من دوري الدرجة الثانية (الذي يوازي دوري الثالثة في الدوري الإيطالي) إلى تدريب أكبر فريق في العالم، فيرجع إليه الفضل الأكبر فيما يجنيه الفريق من إنجازات على مدى الأعوام الماضية، فهو شديد الإيمان بأفكاره الشخصية وبعمله الذي يتعلق بلاعبين ماهرين وشغوفين لهذه اللعبة الأكثر شعبية في العالم. كما يؤمن غوارديولا بأن كرة القدم تقوم على الفرق، وليس على الأشخاص، ولهذا فهو يعمل على تدريب الفريق بغرض تحسين أداء الأفراد. وقد تفسر هذه السياسة الناجحة قرارات المدير الفني السابقة بالتنازل عن مجموعة من النجوم مثل رونالدينهو، وديكو، وإيتو، وإبراهيموفيتش الذين استبدل بهم باسكويه، وبيدرو، وفيا في الوقت الذي كان فيه هؤلاء مجرد مواهب مغمورة لا يمكن المقارنة بينها وبين النجوم المستغنى عنهم.

وعلى ذلك، يصبح التفسير الوحيد لظاهرة البارسا غير العادية هو أن هذا الفريق هو ثمرة بيئة ومنظومة إيجابية تنظر إلى كرة القدم على أنها عرض رياضي من الطراز الأول، وهو نتيجة طبيعية لسلة الأفكار المبتكرة والمواهب الصغيرة التي استند عليها مشروع النادي. ولن يتكرر هذا الفريق مجددا قبل 20 - 30 عاما، وهي الفترة التي ستستغرقها رياضة كرة القدم كي تسمح بحدوث ثورة فنية جديدة. فليحيا البارسا العظيم!