اللعب في المكتب..!

منيف الحربي

TT

لا أدعو إلى فصل ما يحدث في الملاعب عما يتخذ من قرارات في المكاتب، يحصل هذا الترابط في كل مكان بالعالم، غير أن العزف على هذه العلاقة من باب التشكيك في الذمم، والطعن في ضمائر المسؤولين والترويج لأوهام لم تحدث، هو أسلوب سيئ يجب أن يتوقف.

نعم كرة القدم لعبة مثيرة ومنافساتها ساخنة سواء داخل الملاعب أو خارجها، والناس ليسوا ملائكة (خاصة مع ارتفاع وتيرة التحديات وكثرة الاتهامات) غير أن هذا ليس مبررا لمعظم الطرح المتعصب الذي ينطلق من زوايا ضيقة ويسوق لوجود نفوذ وتدخلات تقلب الموازين وتغير الحقائق.

بدأ الترويج لهذا المعنى عقب مشاركة نادي النصر في كأس العالم للأندية، وما زال كتاب معروفون يكررون أنه تأهل من المكتب لا من الملعب، نكاية بالمنافس وكناية عن وجود واسطة أو تواطؤ أو ما شابه، ثم التقط كثيرون الإشارة وصاروا يبثون عليها عند تفسير كل ما لا يوافق هواهم (أو ميولهم) من قرارات، وسط صمت غريب من الجهات الرسمية المسؤولة، وقبول نسبي من المتلقي الذي لا يعرف من الحقيقة سوى الإيحاءات التي يكتبها مشجع مثله، الفارق بينهما أن الأخير تلحف بلقب (كاتب) فيما تعود الأول أن لا يحاكم أي نص أو معلومة، فالمناهج وطرق التعليم أجادت تلقينه وتنشئته بلا رأي يحلل ويستنتج!!

طوال العام، تكررت الإشارة للعمل في (المكاتب) سواء بحق أندية أو لجان أو حكام أو غيرهم، حتى أضحت الإشارة ذات دلالات (ليست نزيهة) تعارف عليها الجميع، فأصبحوا يتأولونها دون استنكار أو تحقق، والمتابع يلحظ أن استخدام هذا التعبير اليوم جاء ممن كانوا يستنكرونه بالأمس، حتى أن تأهل النادي الأهلي الصريح لنصف نهائي الأبطال بات يطلق عليه (تندرا) أنه تأهل من المكتب لا من الملعب، وفي ذلك من الإشارات ما لا يحتاج لشرح، كما أن أحد الزملاء قال قبل يومين وعبر مقاله وبرنامج تلفزيوني إن النصر خرج خالي الوفاض هذا الموسم بسبب أن مسؤوليه لم يتقنوا لعبة المكاتب التي تعد (حسب كلامه) أهم من اللعب في الميدان!!

من المعيب فعلا أن يتم الترويج للمنافسات السعودية على أنها تدور داخل المكاتب أكثر مما تقام في الملاعب، ومن المؤسف أن يتم تسويق هذا المفهوم وتكراره (لمجرد مماحكات ساذجة) وسط صمت الجهات المسؤولة والأندية التي يساء لها..!