بيلسا مدرب كبير يجعل الآخرين ينتظرونه

أريغو ساكي

TT

إنني أعرف مارسيلو بيلسا منذ عام 1998 عندما كنت أدرب نادي أتليتكو مدريد، وكان هو المدرب الشاب لنادي إسبانيول. ولم يكن اللقاء الأول والوحيد بيننا إيجابيا، فقد كنت أنا مدربا شهيرا ومتقدما في السن، بينما كان هو شابا وغير معروف في أوروبا. وانتهت المباراة بين فريقينا بتعادل غير مستحق بالنسبة لنا (1/1) وشعرت بأنني يجب أن أعتذر لبيلسا وأهنئه على المباراة الرائعة التي لعبها فريقه. فطرقت باب غرفة الملابس وقال لي أحد الإداريين المهذبين للغاية بفريق إسبانيول إنه سيستدعي المدرب على الفور. ووصل بيلسا بعد 15 دقيقة ولم يكن مهذبا معي، ورغم ذلك فقد داومت على متابعته بسبب أفكاره الكروية الجيدة. وكان بيلسا في ذلك الحين يتمتع بالفعل بشهرة كبيرة في أميركا الجنوبية لدرجة أنه بعد فترة قصيرة ترك نادي إسبانيول لتدريب منتخب الأرجنتين. وكان غروندونا رئيس نادي إسبانيول قد استعان بخدماته لتدريب النادي نظرا لانبهاره بإمكانياته الكبيرة في عالم التدريب.

إن مسيرة بيلسا مع عالم التدريب مرصعة بالانتصارات. فقد بدأ رحلة التدريب في سن صغيرة للغاية، وفاز بالدوري الأرجنتيني مع نادي نيولز أولد بويز، ثم حقق نجاحات وإنجازات مع جميع الفرق التي دربها. وهو يعتبر في شيلي رمزا كبيرا ليس فقط بسبب النتائج التي حققها مع المنتخب بل أيضا بفضل الطريقة التي حقق بها هذه النتائج. وتلعب الفريق التي يدربها بيلسا بتفوق وسيطرة، ويتبع اللاعبون تعليماته وهم واثقون أن طريقته هي الطريقة المثلى لتطوير أدائهم وتحقيق الانتصارات.

ويحاول اللاعبون تحت قيادة بيلسا أن يتسيدوا الملعب والكرة ويحاولون أيضا فرض سيطرتهم وطريقة لعب الفريق بغض النظر عن قدرات اللاعبين الفردية. ويرى بيلسا أن كرة القدم لعبة جماعية، ويدرب الفريق من أجل رفع قدرات اللاعبين الفردية وليس العكس. وهو مدرب محترف بحق، ويفكر ويعيش كرة القدم 24 ساعة يوميا، ويضع نصب عينيه حقيقة واحدة وهي أنه يستطيع التطور طوال الوقت. ولا يجيد بيلسا الحديث والتواصل مع الإعلام مثل مورينهو، بل إنه يفضل عدم إجراء أي حوارات صحافية إذا كان ذلك ممكنا. ولذلك يستطيع الصحافيون كتابة الكثير عن أفكاره والقليل عن شخصيته. ويحظى بيلسا، مثل مورينهو، بحب اللاعبين الذين يعتبرونه أفضل مدرب في العالم. وينتظر بيلسا الكثير من لاعبيه، وهو لا يعتبر مدربا للفريق بل معلما شديد الاقتناع بأفكاره وآرائه وابتكاراته. وتتميز الفرق التي يدربها بيلسا بالتنظيم وبشكل محدد، ويمكن عند النظر إلى أدائها معرفة أن هذه الفرق تلعب تحت قيادة بيلسا.

ويمتلك بيلسا مفاهيم عامة متطورة في عالم التدريب، وهو يغيرها طبقا لقدرات اللاعبين الفردية. ويهتم بأدق التفاصيل في الربط بين خطوط الفريق وفي تمركز ووضع اللاعبين داخل الملعب (فهناك دائما 11 لاعبا يقظا ومتحركا سواء كانت الكرة بحوزته أم لا)، وينتقل اللاعبون في فرق بيلسا بشكل جيد وسريع، كما يُظهر لاعبو فريقه دائما معرفة جيدة باللعب الجماعي وضغطا هائلا على المنافسين. ولا شك أن تولي بيلسا تدريب الإنتر سيحدث نقلة كبيرة في أداء الفريق. وأنا أعتقد أنه سيكون من حسن حظ الإنتر أن يقبل بيلسا بتدريبه، رغم الـ15 دقيقة التي جعلني أنتظره خلالها!