الأهلي والوحدة.. متعة أقل

محمود تراوري

TT

البارحة تحدد الطرف الأول لنهائي الأبطال لكأس خادم الحرمين الشريفين، والليلة تشخص الأبصار صوب جدة، تترقب تحديد الطرف الآخر. نظريا ومنطقيا، وعطفا على مستواهما في لقاء الذهاب، تبقى كفة الحظوظ متعادلة بين العريقين الأهلي والوحدة، طبعا مع أفضلية فروق طفيفة للأهلي، لكن يبقى الدافع النفسي بمصلحة الوحدويين الذين فاجأوا المراقبين بوصولهم لهذا الدور، مثلما فعلوا حين وصلوا لنهائي كأس ولي العهد، مما أهلهم لخوض غمار منافسات كأس الأبطال، فتجاوزوا كل الإحباط الذي وجدوا أنفسهم فيه جراء قرار الهبوط، فصعدوا على جراحهم، وأثبتوا وجودهم بين الكبار، ونالوا احتراما واسعا في الأوساط الرياضية.

بل إن اسما كمختار فلاتة (المر) قدم نفسه بإشراق، جعله محط أنظار (الهوامير) للظفر بخدماته، على الرغم من أنه لا يزال يحتاج شغلا هائلا لصقل قدراته، وتثبيت أقدامه.

مختار يحيلنا - بالضرورة - إلى ما كنا نردده منذ انتقال الموهبة التي احترقت مبكرا (عبيد الدوسري) منتصف تسعينات القرن الماضي من الوحدة للأهلي، بأنه لا خوف أبدا على الوحدة؛ لأننا ندرك ونعرف جيدا أن حارات مكة ولادة دوما، وتضج بالطاقات والمواهب منذ الأزل، لكن تبقى المادة عقبة كأداء تحول دون استفادة الوحدة منهم، يضاف إلى ذلك تواضع وتقليدية الفكر الإداري الذي يهيمن على الوحدة منذ عقود، مما يجعل النادي بيئة طاردة لمعظم المواهب والقدرات.

لكن أعجبني قبل يومين تصريح لطيف نُسب لمختار قال فيه ما معناه «إن للوحدة فضلا عليه وإنه لم يفكر في الانتقال منه»، يقول هذا وهو يدرك أن أندية الملايين تتربص به وبموهبته لتفريغ فريقه منه، ولم يرتكب ما فعله شقيقه (كامل المر) الموسم الماضي، حين قال «إنه يبحث عن فريق بطولات».

فهل يا ترى تثمن له إدارة الفريق هذه الروح، وتنزله المنزلة التي تليق به، وتحميه بالتالي من هجمة الهوامير التي ما فتئت تفرغ الفريق العريق من مواهبه كلما بزغت فيه نجومية؟

بالعودة إلى لقاء الليلة، يمكن للوحدويين تجاوزه نحو النهائي، متى ما تخلصوا من أي شعور بالدونية، مثلما يمكن للأهلي أن يغادر متى ما خامرت لاعبيه روح الاستعلاء، والاستسلام لمشاعر الفوقية، على الرغم من أنه نظريا، كما أسلفت، ليس هناك من فوارق «فنية» شاسعة بين الفريقين، اللذين كانا في لقاء الذهاب يذكران في أدائهما بمباراة بين «البعداني والعربي»، أشهر فرق حواري جدة، ودعك من غوغائية معلقي الفضائيات، وسماجات بعض الكتاب، فالبون واسع حتما بين فريقي البارحة وفريقي الليلة، اللذين نأمل أن يعوضانا ويمتعانا ولو قليلا اليوم.