تحولات عاطفية لليلة ماتعة

محمود تراوري

TT

منذ البارحة قبل الأولى، في اللحظة التي أودع فيها «السفاح» الكرة هازا الحلم الاتحادي وناثرا إياه كغبار يتلاشى، يكون كل شيء قد تبدل. ستنعت النمور بأنها شاخت، ولا بد من «تشبيب» الفريق. سيصير «الداهية» عجوزا مفلسا، وأن رجعته للاتحاد غلطة فادحة ارتكبتها إدارة لا تفهم.

ستنقلب عبارة «مسكين من ليس لديه نور» لـ«نور عالة على الاتحاد» وسيتحول أسامة من أباتشي الدفاع إلى لاعب متهور، فاقد لأي قيمة فنية، ستتغير النبرة وننسى عبارات من نوعية «الأهلي يحتاج إلى غربلة»، «لاعبوه بلا روح أو إحساس بالمسؤولية». سيقال فيهم ما لم يقله مالك في الخمر، ستظهر أقوال تدعي أن سعود كريري انتهى ولا بد من البحث عن بديل، هو وحديد وزيايه، والاستغناء فورا عن العجوزين البرتغاليين. ربما سيوصف ياسر المسيليم، بأنه «ياشين» القرن، وأنه الحارس الذي لم يجد الأهلي مثله، وأن صفقة «الكاملين» كانت أهم صفقة في تاريخ النادي. ربما سيلغى نهائيا تاريخ خالد مسعد، ليكون محمد مسعد أهم وأحرف لاعب مر على الوسط الأهلاوي في تاريخه، وسيعتبر الهزازي أخطر مساك لعب في دفاعات الأهلي.

لا تستبعد أن تسمع من يقول إن الراشد صفقة فاشلة في الاتحاد، وإنه يجب على نايف الهزازي أن يرحل، وقبله طبعا ديمتري وحسن خليفة وحمزة إدريس، ومبروك زايد والمنتشري.

في اعتيادنا لمقاربتنا الرياضية، يمكنك ألا تستبعد كل ذلك فالعاطفة هي برمجتنا، هي ذهنيتنا اللحظوية التي تسير نظرتنا الأشياء، لذلك سيقال كل ذلك ربما لتبقى قلة، ممن ستبارك للأهلي تأكيده على أنه سيظل واحدا من كبار الكرة السعودية، وأنه مع شقيقه الاتحاد قدما واحدة من أمتع مباريات الموسم، تكنيكا، وروحا رياضية. كانت المباراة - في تصوري - حافلة بتقنية كروية عالية. هز الشباك هي الهنة الوحيدة التي حالت دون اكتمال المتعة. استمتعنا بسقف عال من طموح المهاجمين في الهز، ولكن حضور الحارسين ذهنيا وفنيا كان أعلى سقفا، فذادا عن مرميهما بجمال.

شغفنا بمباراة شديدة الخصوصية بين «ابني الهزازي» وبمنتهى الروح الرياضية، حتى نور الذي طوقته الحراسات من كل الأنحاء لم يحرمنا من تقديم شيء من لمحاته الإبداعية.

النهائي فنيا كان مقنعا حد الإمتاع، رغم ندرة التهديف، كان المدهش فيه حقا أداء الأهلي القوي المشفوع بالإصرار، قابله أداء اتحادي ليس أقل مما هو الاتحاد كفارق بين مستوى الفريقين قبل اللقاء، بل لأن الأهلي ظهر قادرا على المقارعة والظفر بكأس تستحق أن نقول له عليها «ألف مبروك».