«خصوصية» الاحتراف السعودي

موفق النويصر

TT

بالأمس أسدل الستار على النشاط الرياضي في السعودية، بعد موسم هو الأطول في تاريخ الكرة الحديثة.

هذا الموسم، شئنا أم أبينا، أفرز الكثير من السلبيات، منها ما تمت معالجته بشكل جيد وفي وقت قياسي، ومنها ما تم بخلاف ذلك، محدثا إشكاليات أخرى ما زالت جهات خارجية تنظر فيها حتى الساعة.

ولعل أبرز سلبيات هذا الموسم هو كثرة توقفات النشاط الكروي، منها ما أقحم أثناء الموسم بمبرر، وفي أوقات أخرى من دون مبرر، مما أجبر الكثير من الأندية على إعادة تأهيل لاعبيها لأكثر من مرة، نتيجة تأثر مستوياتهم سلبا بسبب التوقف، أو لتعرضهم لخطر الإصابة، وبالتالي فقدانهم في معظم مباريات الموسم.

الإشكالية الأخرى التي واجهتنا كمتابعين ومهتمين بالشأن الرياضي هي مسألة الازدواجية في تطبيق المعايير بين اللاعب السعودي والمحترف الأجنبي، كالسماح للسعودي بالاحتفال بالطريقة التي يريدها بعد تسجيله للهدف، كتأدية سجود الشكر، أو إظهار أي عبارة على قميصه الداخلي، بينما يمنع الأجنبي من تطبيق طقوسه الاحتفالية، بدواعي «استفزاز مشاعر المسلمين».

ناهيك عن تصدير قرارات لا علاقة لها بالرياضة، مثل منع الجماهير من حمل أعلام بلدان نجومها المحترفين، في خطوة أعتقد أنها «ماركة سعودية خالصة»، وليت الأمر توقف عند هذا الحد لقبلنا به، لكن أن يتم المنع في ملاعب معينة والسماح بها في أخرى، فهذه منتهى الفوضى التنظيمية.

وما دام الحديث عن الفوضى، فأعتقد أن التذكير بحادثة عبد العزيز السعران، لاعب نادي الشباب، تمثل قمة هذه الفوضى في شقها الإداري، حينما سمحت الأمانة العامة لاتحاد الكرة للاعب بمشاركة ناديه في بطولة خادم الحرمين الشريفين للأبطال، ومن ثم معاقبة ناديه وتجريده من نقاط الفوز، بعد أن اكتشفت أنها كانت مخطئة في قرارها الأول.

وكذلك قضية خصم 3 نقاط من ناديي الوحدة والتعاون بدعوى التأخر في النزول إلى أرض الملعب، التي تسببت في هبوط الأول إلى دوري الدرجة الأولى، وحرمان الثاني من المشاركة في بطولة خادم الحرمين الشريفين للأبطال، دون مسوغ قانوني منصوص عليه في لوائح اتحاد الكرة.

كما لا يمكن إغفال صدور قرارات «فنية» و«انضباطية» عطفا على تفاعل الإعلام الرياضي حيالها، فإن تحرك الإعلام تجاه بعض الأخطاء كان قرارا سريعا، وإن تجاهلها، كان غض الطرف عنها واردا.

أما الحكام فتلك قصة لم تروَ بعد، فبينما ترصد عشرات الآلاف من الريالات لجلب طاقم تحكيم أجنبي لإدارة مباراة واحدة، تؤجل مستحقات الحكام السعوديين لأكثر من عامين، على الرغم من ضعفها أصلا.

أخيرا جاء التعديل الخاص باللاعبين الهواة، فيما اصطلح على تسميته «الكوبري»، لينتصر للأندية على حساب اللاعبين، مخالفا بذلك أنظمة «الفيفا» التي تدعو إلى انتصار الاتحادات الرياضية للاعبين على حساب الأندية.

في تقديري أن أولى خطوات إصلاح المنظومة الرياضية تحتاج أن يكون اتحاد الكرة أقوى من الأندية، ليتمكن من حماية قراراته ومنسوبيه من «مقصلة» الإعلام ورؤساء الأندية، مع عدم الحرج في الاستعانة بالكوادر الأجنبية المؤهلة، لترمم الأنظمة والقوانين المعمول بها حاليا، بعيدا عن الميول والألوان، التي أفسدت رياضتنا المحلية، وبغير ذلك سنظل نراوح مكاننا بين قرارات لا يقبل بها أحد وأخرى لا يحترمها أحد.

[email protected]