كيف كنا وكيف نحن الآن؟

باولو كوندو

TT

خلال فترة وجيزة، صار اعتزال فابيو كانافارو، الذي أعلنه في دبي بعد خمس سنوات بالتمام والكمال من الفوز بمونديال كأس العالم في ألمانيا، سببا جديدا لتحويل شبكة المعلومات الدولية إلى ساحة معارك بين المتناحرين، فيما يتعلق بفضيحة الكالتشوبولي التي عصفت بالكرة الإيطالية عام 2006، واللقب الحائر بين اليوفي والإنتر، حيث الإهانات الدامية والتهديدات باسم لاعب يصفه كل جانب بأنه بطل ملائكي، أو متعجرف أخذ أكبر من حجمه. الذي يدفع ثمن وباء الغضب - لأنه هكذا يسمى الفيروس الذي يدمر كرة القدم لدينا - هي الذاكرة المشتركة، والتي تمضي بتفتيت مواضيع نادرة وفترة لا يمكن المساس بها، مثل لقب العالم. لا نعرف الإيطاليين الذين ظلوا في منازلهم يوم 9 يوليو (تموز) 2006 وقالوا: «هذا القائد لا يمثلنا»، أو الذين غيروا المحطة لأن إلى جوار ليبي كان يحتفل غويدو روسي، أو من اعتذروا في عطلات الصيف التالية لجيرانهم الألمان أو الفرنسيين، مهمهمين: «نحن أناس حقيرون، أنتم من كان يستحق اللقب». في الاستاد أو على الأريكة في المنزل، كنا نقفز منذ 5 سنوات مضت على إيقاع كانافارو وهو يحتفل بواحدة من أسعد 10 لحظات في الحياة، والتي لن ننساها أبدا - قوموا بحساب أمين وسترون أن نصر برلين بينها - وهذا بعدما اجتهدنا، وارتجفنا، ودعونا، وأخيرا استمتعنا بمباراة قبل النهائي، حينما تصدى كانافارو للهجوم الألماني الكاسح، وطار مثل سوبرمان، وكنا فخورين به جميعا، ومن يقول عكس ذلك فهو كاذب.

لتنطقوا بالطريقة السليمة، وليس من خلال تبادل الاتهامات كطريقة وحيدة للحوار، وفي يوم الوداع لا بد من أخذ أمور بعينها في الاعتبار. من الناحية الفنية، إذا ما تحدثنا عن كانافارو، فإنه كان مدافعا قويا، وعلى الرغم من من لعبه في دفاع المنطقة، فإنه كان آخر العظماء في الرقابة الفردية، لكن بالطبع باريزي ومالديني كانا أفضل منه أيضا، لكن المونديال هو الذي فاز به، وبالتالي فلا معنى للتساؤل: لماذا ذهبت الكرة الذهبية إليه وليس للاعبين آخرين، وقد كانت حتى العام الماضي تتوج فقط من يرفع البطولات؟ حقيقي جدا أنه بعد عام 2006 كان لينهي مسيرته مع المنتخب الإيطالي، بطريقة تجعله يترك ذكرى عظيمة لا تمّحي، من دون أن يلوثها الظهور السيئ لإيطاليا في مونديال 2010. لكن كم من الأبطال يخمنون اللحظة التي ينسحبون فيها؟ لنجيبكم نحن: قليلون.

خلال مسيرته كلاعب شاب لطيف كريم، وبالطبع يقظ بالمعنى الأوسع للكلمة، كما أن كانافارو يذكر لخطأين أيضا، الأول هو الفيديو الفظيع بشأن حقنه في موسكو، الذي مر على أنه مزحة وانتشاره السريع جدا لم يتم توضيحه؛ والثاني متعلق بطريقة انتقاله من الإنتر إلى اليوفي، مع المكالمة التي وصفه فيها موجي، متظاهرا على سبيل الازدراء بنسيان لقب فاكيتي - بـ«رث الثياب»، وأمره بالضغط كي يجعل الإنتر يتنازل عنه. من دون العودة إلى حساب الاتصالات وتأثيرها، تكفي هذه المكالمة التي تم الاستماع إليها لمعرفة الخطط المختلفة التي على أساسها كان يتصرف أبطال تلك السنين؛ لقب دوري أم لا، لا أحد يمكنه الاقتراب منهم. كانافارو الذي يرفع الكأس كان الرمز الأرفع، وللأسف المتطرف، لعالم كان بالفعل في طريقه للتدمير. ستبدأ الليلة الطويلة التالية لذلك في الانتهاء، حينما سنجد مقابل هذا الغضب الذي يعوقنا مباشرة عن تذكر السعادة المشتركة بيننا.