لا سامبا ولا تانغو

أليساندرو دي كالو

TT

في المنتخب الأرجنتيني، لم يكن ميسي، وهو اللاعب رقم واحد في العالم، كافيا للبقاء في بطولة كوبا أميركا والزحف نحو اللقب القاري، وفي المنتخب البرازيلي لم تكن موهبة نيمار كافية. بطولة أمم أميركا الجنوبية لفظت الكبار، على إيقاع الوقت الإضافي وركلات الترجيح، بعيدا عن إيقاعات موسيقى السامبا والتانغو.

نجحت البرازيل في تحقيق إنجاز تاريخي بعدما قضت 120 دقيقة في هجوم متواصل وقوي، وتسديدات على الحارس المتواضع فيلار، احتياطي فريق بلد الوليد الإسباني، لكن لو أتيحت له فرصة الدوبلير فيمكنه تجسيد نجوم مثل بوفون، زوف وزامورا، بينما لم ينجح منتخب السيليساو في تسجيل حتى ركلة جزاء واحدة من تلك الترجيحية في نهاية المباراة (سددها إيلانو، تياغو سيلفا، أندري سانتوس وفريد)، كان بإمكانهم لعب أيام كاملة لكن دون تسجيل أهداف. هل الملعب هو من يتحمل الذنب؟ ممكن، لكن من غير المجدي التواري، ففريق البرازيل هذا بلا قادة ولا لاعبين أفذاذ، الذين اعتدنا رؤيتهم بالقميص «الكناري» اللون الشهير.

ما يدهش في فرق قارة أميركا الجنوبية هو الصبر الذي يجعلك ترقص، وإدراكها للفرق القوية، ومعرفة أنها ستهزم الخصم، والقول إنها مسألة وقت. إنه أمر لا يمكن تجنبه، البرازيل كانت هكذا لبعض الوقت، ففائض المواهب الفردية كان يتضاعف بصورة استعراضية في الأداء.

منذ أزمنة تشيلافيرت، غامارا وأكونا، لم يكن فريق باراغواي لقمة سائغة، لكن لاعبين أمثال رونالدو، ريفالدو ورونالدينهو، كانوا يصنعون الفارق، أما نيمار، روبينهو وباتو، فهم لا يقومون بالشيء ذاته، أو ليس بعد.

موقف الأرجنتين ليس أحسن حالا، فقد خسرت أمام أوروغواي المعلم تاباريز (الرابع في مونديال جنوب أفريقيا)، الذي يرتفع بعض الدرجات فوق منتخب باراغواي، لكنه كان يلعب على ملعبه، وكان الأوفر حظا نحو النصر النهائي. إنه إخفاق بالنسبة لميسي، اللاعب رقم واحد في العالم، لكن ليس وحده. إن قيم اللاعبين هي ذاتها التي تقلب سوق الانتقالات، مثلا كم يساوي أغويرو؟ 45 مليونا؟ وكم يتقاضى تيفيز؟ 10 ملايين يورو في الموسم؟ والنجوم الصغار مثل هيغوين ودي ماريا، ومواهب كبيرة مثل لافيتسي وباستوري، وهو بحجم ماسكيرانو وزانيتي، أين نضعهم؟

في إخفاق المونديال، العام الماضي بجنوب أفريقيا، نجح دييغو أرماندو مارادونا، مدرب الفريق حينها، في التسامي عن الخسارة أمام ألمانيا 4 - 0، بنوع من الاحتفال بالدموع؛ لفخره بالانتماء لبلده الأرجنتين. لا بد أن يكون المرء مثل مارادونا كي يحول الهزائم إلى انتصارات، وكي يترك هذا الشعور بالأمل في قلوب الجماهير. هناك منطق.

في سن ميسي تقريبا، كان مارادونا قد حمل منتخب الأرجنتين على عاتقه وقاده إلى قمة العالم، بالفوز بمونديال المكسيك 1986، بينما «البرغوث»، مثلما يلقبون مهاجم برشلونة الفذ، لم ينجح في المحافظة على منتخب راقصي التانغو منافسا في البطولة التي تستضيفها بلاده. دموع أخرى، وخيبة أمل أخرى.

باستثناء اللقاءات الودية، فإن ميسي لم يسجل مع منتخب الأرجنتين منذ 28 مارس (آذار) 2008، وفي الوقت ذاته حقق ثلاثة ألقاب دوري محلي مع الفريق الكتالوني، ولقبين لدوري الأبطال وكرتين ذهبيتين. 16 مباراة - مرورا بالمونديال وكوبا أميركا - من دون تسجيل هدف واحد، هي أعراض مشكلة. ميسي ليس قائدا معترفا به من جانب كل رفاقه، كما أن الأرجنتين ليس بها لاعبو وسط ملعب قادرون على تقديم أداء برشلونة. بالطبع، الفريق في حاجة إلى مدير فني قادر على المحافظة على نجوم كثيرة معا، وجعلهم يلعبون بطريقة لائقة. الكاريزما التي يتميز بها مارادونا كانت مفيدة للتغطية على أشياء أخرى كثيرة، ولذا فإن جماهير بيونس آيرس يطالبون بعودته الآن، ولذا فإن دييغو، عاجلا أو آجلا، سيعود إلى تدريب منتخب الأرجنتين.