الأخضر السعودي.. بخير!

هيا الغامدي

TT

بعيدا عن الصخب الإعلامي والأضواء الحارقة للأهداف المرسومة والضغوط الجماهيرية المركزة يستطيع المتابع لمباريات المنتخب السعودي المشارك ببطولة العالم للشباب في كولومبيا بكل الهدوء والمنطقية تلمس الفارق المنهجي والإعدادي بل الفني والعناصري عن المنتخبات الأخرى سواء الأولمبي أو الأول.

بمعنى أصح أننا بدأنا نلمس مع نتائج فرق القاعدة الفارق المذهل سواء بالعمل أو الإنتاجية أو النتائج المذهلة، والأكيد أن كل ذلك أتى نتيجة مجهودات خرافية تبذلها إدارة شؤون المنتخبات والقائمون عليها من العمل الاحترافي المتواصل بغية إعلاء البناء على أسس سليمة وقوية وموثوق بها!

وفي كولومبيا يسطر الفريق الوطني الشاب أعظم ملاحم الأداء الحيوي الناضج والنتائج التاريخية على الأرض اللاتينية سواء بالافتتاحية والتي جاءت بثنائية أمام كرواتيا، أو بالفوز الخرافي العريض على منتخب غواتيمالا بسبق سداسي غير مسبوق حتى الآن بالبطولة!! وبالتالي ضمان التأهل للدور ثمن النهائي والذي ستحدد ترتيبه كأول أو ثاني مباراتنا المقبلة أمام نسور أفريقيا نيجيريا، وأحسب أن الفرق الأفريقية صعبة المراس وتحتاج لصيغ عمل تختلف عن غيرها أكيد.

فوارق عدة يستطيع الذهن المتابع تسجيلها ورصدها عن هذه البطولة التي اختلفت عندها كل المستويات تركيبا ومزاجا ونتائج، بمعنى صحيح أن التباين في درجة تكوين القاعدة الكروية الأساسية سمة عالمية تختلف وتتباين من حيث القوة والحجم والاستعداد من منتخب لآخر، ولو تحدثنا عن المنتخب السعودي الشاب نجد أنه (ولله المنة) لا يزال محافظا على القوام الإعدادي المنهجي المتنامي الذي حرص عليه جهازه الفني، والذي يحلو الحديث فيه عن براعة وقراءة ومجهودات الكابتن القدير «خالد القروني» الذي يسير بهذا المنتخب لخطوط الأمان المطلوبة كرافد حيوي لباقي المنتخبات. وبحق فإن «خالد القروني» و«عمر باخشوين» مدربان وطنيان يمثلان إضافتين حيويتين استراتجيتين تستحقان كل الثناء والتقدير على المجهودات العظيمة التي يبذلانها مع المنتخبات السنية منذ فترة طويلة كتتويج متبادل للثقة الممنوحة لهما من الاتحاد السعودي والقائمين على إدارة شؤون المنتخبات، بدليل استقرار النتائج وتناميها وبالتالي الفهم الواضح المتبادل للخطط الموضوعة والتي أفرزت فرقا كروية قادرة على الحضور والمنافسة بنسيج عناصري فني ذهني جديد يعطي الأداء «المحترم» والمطلوب!

يتبادر لذهني الآن تساؤل ملح: لماذا ينجح المدرب الوطني مع فرق القاعدة السنية ويخفق مع المنتخب الأول؟!! وحتى وإن أشرف على المنتخب الكبير تبقى المشاركة في الوضع «الطارئ» والمؤقت ولا ينتج عنها أي نتائج تستحق الذكر..!!

المنتخبان الشابان (السعودي والمصري) هما قطبا المشاركة العربية الكروية بهذا المحفل الكبير والآمال معقودة عليهما بالوصول لأبعد ما يكون انتصارا للكرة العربية ومسماها الذي ذبل وانحنى مع الإخفاقات والنتائج الهزيلة لسنوات مضت!! الطريق واضح والمستقبل مضمون والخطى سليمة بشرط أن يبتعد إعلام البلدين عن إيصال فكرة تضخيم الذات للمنتخبين والاكتفاء بالتشجيع القائم على الدعم وتعظيم المسؤولية الوطنية، فهؤلاء الشباب هم مستقبل الكرة العربية ورافدها الأساسي وقوامها وواجهتها بإذن الله.