مسألة اقتناع

عبد الرزاق أبو داود

TT

أين هم المدربون السعوديون من تدريب فرق كرة القدم السعودية، بصرف النظر عن أحوالها وشجونها؟ سؤال منطقي في نظرنا.. وكانت الإجابة المبدئية بأنهم: موجودون وجلهم لا يعمل في الأندية السعودية، خاصة في فرق كرة القدم الممتازة إلا على سبيل «الفزعة» أو الاضطرار عند الأزمات أو المآزق الفنية والمادية والإدارية! حتى يحضر الطاقم الأجنبي وتحبر له موشحات المديح ثم ينتهي به المطاف مقالا حاملا أمتعته، وقد قام بتحويل مبلغ يسيل له لعاب الملهوفين عائدا إلى بلاده.. ليشن حملة شرسة ينعتنا فيها ووسطنا الرياضي بأسوأ الصفات.

أين المدربون السعوديون؟ كثير منهم يتحفنا بالحديث عن شهادات وخبرات نحترمها، في ظل أهمية الحفاظ على العمل الأساسي الذي لا يستطيع جلهم التخلي عنه كضمانة استقرار معيشي، جراء معاملة الأندية والجماهير والإعلام لهم.. والقائمة متعددة. بعضهم يندفع في أطروحاته.. ويخبئ آخرون مكامن «فشل» خبروها.. وربما تكون حجرا في طريق الاستعانة بهم. منهم الكفء لقيادة فرق سعودية.. فلماذا يتم تجاهلهم؟ الإجابة ليست سهلة وملامحها تطل عبر تصريحات إداريي الأندية والمدربين أنفسهم والإعلام وجماهير الأندية. الأندية وبلا مواربة تريد مدربين أجانب لأسباب كثيرة أهمها: القدرات المتطورة، وتحاشي ردود فعل الجماهير والإعلام، والسعي نحو البطولات، مع أن الجمهور والإعلام يمارسان ضغوطا كبيرة على الأندية لجلب مدربين أكفاء، ولم نسمع من يطالب بإسناد مهمة تدريب الفرق الكبار إلى مدربين وطنيين إلا بصفة مؤقتة.. والجماهير لا تختلف عن ذلك.

مدربون عرب حضروا للتدريب في أنديتنا في السنوات الأخيرة، رغم ضعف مستويات الدوريات والكرة عموما في هذه البلدان، في حين أنه لم يدرب أي سعودي في أي دولة عربية! لماذا؟ لماذا لم يتقدم ناد عربي واحد إلى مدرب سعودي لكي يعرض عليه مهام تدريب فريقه؟ ولماذا تفضل أنديتنا المدربين الأوروبيين واللاتينيين؟

البعض قد يرحب بهذا الطرح، عمليا نعاني مسألة اقتناع الأندية والجماهير والإعلام السعودي بقدرات المدرب الوطني، ونعاني كذلك مشكلة أهمية إدراك معظم المدربين السعوديين بأن التدريب والشهادات والدورات مهمة.. ما نحتاجه في هذا المجال هو مقدرة المدربين السعوديين على إثبات «قدراتهم التدريبية» لإقناع الجماهير والإعلام المتابع بقوة وأندية تسعى لتحقيق بطولات فتتجه إلى التعاقد مع خبرات عالمية للوصول إلى هذه التطلعات! التدريب في عالم كرة القدم ليس مجرد إلقاء «دروس» وإجراء تدريبات لياقية وفنية، تلك تحتاج إلى مواهب وفن وقدرات لإثبات الذات والحضور الإنجازي.. وهو أمر لم يتحقق إلا لحفنة مدربين سعوديين يعدون على الأصابع ثم رحلوا عن ساحة التدريب إلى عالم آخر.. فالمنافسة مع الأجنبي غير متكافئة في هذا المجال حتى الآن.. حتى إعلان آخر!!

أتمنى أن نجد نصف فرق الدوري الممتاز في الأقل ومعظم فرق الدرجات الأولى والثانية تستعين بمدربين وطنيين وبعقود مجزية.. ولكن هيهات فدون ذلك عقبات وأي عقبات.