كلهم يقفزون عليه!

مساعد العصيمي

TT

لو سألت أي مُطلع على كرة القدم السعودية عن المدرب الكروي السعودي لأكد لك أن الإعلام هو من أضر به.. وليس هو من فعل بنفسه.. والسبب أن إشكالية التقييم تنطلق من حس بليد كثيرا ما يتراءى لنا أنه مليء بالتعصب والانتقاص من كل ما هو ينتمي لنا!

من جهتي، أقول: إنه ليس الإعلام وحده، بل إن جهات أخرى لها دور أشد وأفظع، فالرئاسة العامة لرعاية الشباب فعلت فيه ما لم يفعله غيرها.. فهي غير القفز عليه وتجاوزه لا تمنحه التقدير المادي والمعنوي الذي يستحقه حتى حين تحتاج إليه مضطرة.. الأندية كذلك انطلاقا من نرجسية وفوقية يعيشها مسيروها بحيث إن كل ما هو وطني هو أقل!

لن أبتعد كثيرا، فالحديث عن المدرب السعودي في المجالات كلها، وفي كرة القدم تحديدا، هو حديث يومئ بتساؤلات كئيبة تفضي إلى الوجع.. وليس أن القروني قد استخلص الثقة ونالها من فعله في كولومبيا.. لكن لأن هناك شأنا تعودنا أن نحطم أركانه، بل إن بعضنا هدف إلى وأده.. ولعل في مسيرة فرق الدرجتين الأولى والثانية الكروية خير دليل على التعسف تجاه كل من هو مدرب سعودي.

اللافت المزعج أن حديث بعض الفضائيات والمحللين، صحفا وإذاعة، يصور تفوق السعودي وكأنه طفرة وقتية لا تلبث أن تزول وتعود إلى قمقمها.. وكأننا أمام إخفاق مستمر لم نستطع حلا له.. مع إدراكنا أن الإخفاق أتى من سوء تعاملنا مع بعضنا، خاصة حين تعاملاتنا مع مدربينا.

بكل أسف، إن بعضنا، ممن يحمل المسؤولية، إدارة أو إعلاما، يتحدث عن التدريب كعلم صعب نجاحه مرتبط بما يأتي من الخارج، وكأنهم أرادوا أن يقنعونا أن مهمتنا أن نكون متلقين لا صانعين للعمل والإجادة.. وعليه فلم يكن غريبا أن تكون أنديتنا شبه فارغة من المدربين السعوديين.. أوَليس ذلك الفكر هو الذي يقودها؟ والأمر نفسه على اتحاد الكرة.. ولعل حاجة المضطر هي ما أفضى إلى استمرار عنبر والقروني.. ولعل ضيق الوقت قد أنقذهما، وإلا لكانا في وظيفة المدرب المساعد، مهمتهما تلقي الأوامر من الأجانب!

أقول: إننا لا نتعلم أبدا من أخطائنا ومن دائرة الفشل المتسعة جدا التي نعيشها مع المدربين الأجانب، وبما جعلنا مضرب مثل في الإخفاق وسوء التعامل وقلة الصبر مع المدربين الذين نستقدمهم إلى بلادنا كمميزين.. وعليه ما دام هذا شأننا فكيف يتأتى لنا أن نكون منصفين مع من ينتمون لنا؟ الأكيد أننا لن ننصفهم أبدا.

علينا أن نكافح لأجل أن يكون المدرب الوطني عنوانا رئيسيا لأجهزتنا الفنية، لا سيما أن ارتقاءه ظاهر ونتاجه يتلمسها الجميع، أخيرا على اتحادنا الكروي أن يبادر بالدعم وبكل قوة إلى منح الوطنيين فرصهم التي يستحقونها؛ لأنه حتما سيحتاجهم كأحد الأضلاع الرئيسية لبنية التطور الكروي السعودي، ولأنه لا بد أن يستقيم الجذر كي لا ينكسر الفرع.

[email protected]