تدهشك أحداثه!

عبد الرزاق أبو داود

TT

فكر فيما يتداوله الوسط الرياضي السعودي، تتبعه عبر فعالياته ومناوشاته وإعلامه، وتوغل في كيفية إدارة وجدولة منافساته، وانظر ساحاته الجماهيرية، ماذا ترى؟ وماذا تستنتج؟ وبأي انطباعات ستخرج؟ ستبدو أمامك الكثير من الصور والأحجيات والممارسات المثيرة.. وأخرى مضحكة مبكية، سترى انطباعات جامحة جامدة.. تنبئك بأنك في ساحة صراع، وما عليك إلا النجاة، أو الانزواء، من مشهد يكاد يصل بعض ما فيه إلى حد فقدان الأهلية وأبجديات التعامل وآداب الاختلاف. ستكرر السؤال، ما الذي يجري؟ وسط تدهشك معظم أحداثه، وتنفرك بعض ممارساته وشخوصه التي أضحت «لعبة» يتداولها الكل إلا ما ندر. ممارسات، حكايات، مقالات، تصريحات، مقابلات.. والقائمة طويلة.. وغالبيتها لا تسر صديقا ولا تجتذب عدوا، ولا تجد صدى إلا لدى فئات المتعصبين والمغالين.. الذين لا يرون إلا توهماتهم.

كل يوم مشكلة، خسارة واحتجاج، بيانات توضحية.. وكيدية، وخسارة تصور وكأنها «نفوق» التاريخ إذا صح التعبير وبالإذن من السادة القراء! طرد مدربين، وعراك صحافيين أمام المشاهدين، وإنفاق عشرات الملايين، تطير مستقرة في مصارف أجنبية لصالح من نتعاقد معهم للتدريب، ثم نحاول بعبثية أن نعلمهم التدريب على أصوله. استقالات.. حالات طرد جراء المخاشنات أو انفعالية حكم! «وكله بحسابه»! عبث هذا الذي نرقبه، مثير للغضب حينا، مفضي إلى زرع الضغينة وتفشي النميمة حينا آخر. معلقات إطراء ممجوج، وتنابذ لا يصدر عن مسلم، وادعاءات بالأفضلية، لا توصل إلا إلى الكراهية والتفرقة.. فمن داهية، وأسطورة، وأسود، ونمور، وتماسيح، وصقور، ونسور، وفرسان. وسقوط وانحدار.. وزعامات وعالميات وقلاع، وصغار وكبار وكويتب! والأفضل، والأجدر، والأسوأ، والهابط.. وسذاجات لا حد لها.

تأمل فعاليات هذا الوسط، وجداول المسابقات، وركز على كرة القدم فيما تحمله بين طياتها من إشكاليات عدم الثبات على روزمانة منتظمة، وستجد مبررات جاهزة عن «واقعنا» وخصوصيتنا! تأمل ذلك وآثاره، وتأمل آثاره على مستويات المسابقة، وتأمل حال الذين تتأرجح مستوياتهم وتتزايد إصابتهم نتيجة الأحمال البدنية والنفسية، كنتيجة لمشاركات كثيرة.. يتوجب إعادة النظر بها لما تسببه من إرباكات محلية. تأمل نتائج فرقنا وأحوال لاعبيها، «فالمادة» أصبحت أساس التعامل، بتأثيرها وسحرها، وسيقتصر الأمر على بضعة أندية «مليئة» ستلتهم «المائدة» على حساب العدد الأكبر من الأندية الأخرى وأبنائها ومناطقها ومحبيها، وهي أندية ستجبر لا محالة على بيع عقود خير لاعبيها، مما يجعل المنافسات منحصرة بين ما يسمى «بالكبار»، لتصبح البقية فرق كومبارس! أو «معامل تفريخ».

تأمل بقية الألعاب، أصابها الضمور والتدهور نتيجة التركيز على «المجنونة» التي أصبحت تدر مالا و«تبني بيوتا»، وتمول سفريات.. و«تملأ خزائن» بعض الأندية، مما انعكس سلبا على لاعبي الألعاب الأخرى لشعورهم بالغبن والخمول والأسى، كنتيجة مباشرة لما يرونه من ملايين يحصدها غيرهم. تأمل كيف تحول الإعلام الرياضي إلى التركيز على كرة القدم، في حين أن بقية الألعاب لا تحظى إلا بالنذر اليسير من التغطية الإعلامية.