القروني بلا وطن!

مسلي آل معمر

TT

أشعنا في الوسط الرياضي السعودي عن المدرب الوطني أنه مدرب يلعب بخطة «شدوا حيلكم يا شباب»، والحقيقة أنني لا أعلم من هو صاحب هذا الاكتشاف الخارق، وأقول هنا الخارق لأنه أتى بمصطلح ترسخ بشكل لا يوصف، مما جعل بلد الـ25 مليونا الذين جلهم عشاق لكرة القدم لا يستطيع إخراج مدرب حتى في دوري الدرجة الأولى، بل إن هذا الوصف نسف تفوق خليل الزياني الذي قاد الكرة السعودية «مدربا» إلى فضاءات المجد وكذلك ناصر الجوهر الذي طالما نهض بالأخضر من كبوات كثيرة.

لدي قناعة تامة ليست في الرياضة فقط بل في جميع المجالات أن الموهبة بلا وطن، لذا لا يمكننا أن نعمم أن بلدا ما لا يمكنه أن ينجب مدربين مميزين، وأن بلدا آخر لا يمكن أن ينجب لاعبين بارزين، فالبرازيل التي نطلق عليها بلد كرة القدم بالكاد نجد منها مدربا في أوروبا، كما أن جورج ويا جاء من مجاهل أفريقيا وبالتحديد من ليبيريا البلد الذي لا يشكل شيئا على خارطة كرة القدم وأصبح في عام ما أفضل لاعب في العالم.

وأنا أرى منتخب الشباب يصل إلى الدور الثاني من المونديال المقام حاليا في كولومبيا، تذكرت مجددا أن النجاح والتفوق لا يرتبطان بجواز سفر أو جنسية، فالمدرب الوطني الذي يصفه إعلامنا بـ«شدوا حيلكم يا شباب» استطاع أن يقود الأخضر الشاب لمرحلة لم يبلغها من قبل مع مدربين غير سعوديين، فها هو خالد القروني عندما وجد الفرصة يحقق النجاح، ليثبت أن الموهوب مؤهل للتفوق متى وجد الفرصة المناسبة والظروف العادلة.

إن تألق منتخب الشباب في كولومبيا يعطي دلالات مهمة بعد غياب المنتخبات السنية العشرين عاما الماضية، وبالتأكيد أن لذلك الغياب أسبابه التي أرى أن أهمها تركيز الأندية على الاحتراف وإهمال القاعدة، فالغياب تزامن مع بدايات تطبيق الاحتراف، وأبرز هذه الدلالات أن عودة منتخب الشباب للمنافسة جاءت نتاج العمل في أكاديمية الأهلي والاهتمام الكبير في ناديي الشباب والاتفاق بالفئات السنية، يضاف إلى ذلك الصرف السخي من نادي النصر على القاعدة لكن بمخرجات أقل من منافسيه، ومن هنا يظهر السؤال الكبير الذي يجب أن نقف أمامه كثيرا: كيف يستمر الاهتمام بالفئات السنية في الأندية السعودية؟

في ظل اللوائح الجديدة للاحتراف لا أعتقد أن هناك أي حافز للأندية للاهتمام باللاعب الناشئ، بحكم أنه سيصبح حر التوقيع إذا بلغ سن الثامنة عشرة، وهذا الأمر في رأيي يحتاج إلى دراسة عاجلة من الاتحاد السعودي وبالتنسيق مع فيفا لإعادة الفقرة التي تلزم اللاعب الصاعد من الفئات السنية بتوقيع أول عقد احترافي في ناديه الأصلي، أما إذا استمر الوضع كما هو حاليا، فأعتقد أننا قد لا نجد في يوم ما العدد الكافي من الفرق لإكمال نصاب دوري الناشئين!