مشكلتنا الحقيقية

أحمد صادق دياب

TT

* مشكلتنا الأزلية في الوسط الإعلامي الرياضي أن البعض منا يعتقد أنه أصبح وصيا على القضايا الرياضية، ويناقشها بشكل يبتعد عن الواقع، ويرسم لها أبعادا ربما لم ترد في ذهن أحد، حتى أطراف القضية.. ولعل قضية الوحدة الأخيرة مع لجنة الانضباط ورفعها إلى المحكمة الرياضية الدولية، أخذت حيزا من النقاش الذي تعالى إلى درجة تحول معها الأمر إلى جدال لا يفهمه أحد، ولا يفيد أحد؛ لأن المتجادلين حولها، بعد وقت طويل من الجدال، يعودون إلى نقطة الصفر ويقرون بأنهم لا يعرفون جميع التفاصيل الخاصة بالقضية!!

* المشكلة في أن بعض الإعلاميين أصبح فجأة يعتقد أن الإثارة، ولو على حساب الموضوعية، هي لب الأمر، وهي المهمة التي يجب أن تكون جزءا من التركيبة اللفظية التي عليه أن يلقيها، وأن الحماس المصطنع والانفعال هما ما يمكن أن ينقلا وجهة نظره إلى الآخرين، بينما المنطق والعقل والأخلاق تؤكد أن الهدوء والروية والمعلومة الصحيحة هي التي يجب أن يدور حولها أي نقاش عقلاني يهدف إلى الوصول إلى حلول تفاعلية وآراء يمكن الاستفادة منها.

* حقيقة لا أدري لماذا أصبح الانفعال في النقاش هو سيد الموقف، وأصبحت المعلومة الحقيقية تختبئ خلف ستار وسط الجدل الكبير الذي يدور حولها، فلا أحد يريد أن يستمع أو أن يفهم أو يتقبل وجهة الآخر، فالكل يريد أن يكون طرفا في قضية لا يعلم عنها الكثير وهو غير متخصص بها، ولا يريد للمتخصص أن يتحدث.. في رأيي أن السبب هو أن القبول برأي وتفسير المتخصصين لأي قضية يمكن أن يفضح حجم الجهل الذي يمارسه البعض في وسائل الإعلام وهم لا يريدون أن يصلوا إلى هذه المرحلة.

* عندما تصدر أرقام رسمية أو توضيحات من جهات مسؤولة تجد أن هذا البعض على أتم الاستعداد للوقوف في وجهها، في محاولة حثيثة للطعن في مصداقيتها، أو أهدافها، وكأن كل من يعمل تحت مظلة الصالح العام في حقيقة الأمر يبحث عن إرجاع الرياضة السعودية إلى الوراء، وكأن الأهداف الجميلة الرائعة الموضوعة مجرد برواز لتغطية الوجه القبيح، وفي هذا الأمر طعن واضح لكل من يحاول أن يسهم في منظومة العمل الحديثة، لمجرد أن هذا البعض يحاول، بحدة متناهية، أن يجر الجميع إلى قاربه المشكك في كل شيء، فقط ليقول أنا هنا، أنا الحقيقة الوحيدة، وأنا الذي أعرف كل شيء.

* لا بأس في أن نتحاور ونتناقش ونسدد ونقارب ونعترض وننتقد، لكن من المنطقي أن يكون الهدف الوصول إلى أرضية مشتركة فيمن بيننا، ليس لمجرد إشباع رغبتنا في أن نكون أبطالا من ورق في عالم يبحث عن الإثارة وتقمص شخصية الشجاع الذي لا يجامل، فالهدوء هو المدخل الذي يمكن له أن يحقق أهدافنا الحقيقية.